بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم
رسالة من القسم السياسي لجماعة “الإخوان المسلمون” حول مزاعم عمل تسوية أو مصالحة مع سلطة الانقلاب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلي الله عليه وسلم،،،
ثم أما بعد...
فهذه رسالتنا في القسم السياسي للجماعة التي نخصصها لشرح موقف الجماعة مما أثير مؤخراً في عدد من وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي حول إقدام جماعة “الإخوان المسلمون” على عقد مصالحات أو عمل تسوية مع سلطة الانقلاب ، وهو ما نقوم في هذه الرسالة بتفنيده وشرحه بشكل مفصل والرد على ما أشيع حوله في عدد من وسائل الإعلام.
ونطرح في هذه الورقة عددا من الوقفات حول ما كان مثاراً في حوارات عدد من المنصات الإعلامية ونقاشاتها لنوضح رؤية الجماعة فيما نشر وأذيع بهذا الصدد ومن ذلك:
أولا : وقفات حول السياق الإعلامي:
- ارتكزت أغلب المنصات الإعلامية التي طرحت الموضوع على حوار للدكتور حلمي الجزار مع قناة بي بي سي عربي والذي قدم نفسه على أنه مسؤول القسم السياسي في جماعة “الإخوان المسلمون” - على غير الحقيقة - وتكلم فيه عن تواصل تم بينه وبين الصحفي الأمني عبد الرحيم علي الذي يدير مركزاً في فرنسا بتمويل من الإمارات مهمته تقديم دراسات عن التطرف وجماعات الإسلام السياسي ، وذلك فيما أَطلَقَ عليه “محاولة لبناء الثقة”.
- جاء الحوار على خلفية ما أعلنه الإعلامي ماجد عبد الله في برنامجه على اليوتيوب قب يل زيارة السيسي لأنقرة والذي نقل فيه موافقة الدكتور حلمي ومجموعته على إجراء مصالحة أو تسوية مع سلطة الانقلاب في مصر.
- التقطت عدد من المنصات ووسائل الإعلام الحوار وقامت بمحاولة الترويج له وتسويق فكرة قبول الإخوان بالتنازل عما تم التعبير عنه بـ “ الصراع السياسي “ مقابل إطلاق سراح عدد من النساء والمرضى.
- تناول عدد من منصات التواصل الاجتماعي الحدث بكثافة ملحوظة في محاولة لفرضه على الجميع.
ثانيا: وقفات حول السياقات السياسية:
- جاء الحديث عن المصالحة أو التسوية مع سلطة الانقلاب متزامناً مع حملات إعلامية مكثفةعنها في ظل ما يسمى بالحوار الوطني الذي دعى له قائد الانقلاب.
- يأتي هذا الحديث أيضا في ظل استعراض الملف الحقوقي المصري أمام الأمم المتحدة مطلع يناير القادم واهتمام سلطة الانقلاب بتبرئة ساحتها من الجرائم التي ارتكبتها.
- في إطار الاستعراض القانوني لملف حقوق الإنسان تسعى سلطة الانقلاب لتأكيد وجود قرائن حلحلة الوضع الإنساني للمعتقلين وإقبالها على الحوار مع الجميع ، وهو ما يدفعها لمحاولة إحداث لغط إعلامي حول تسوية الأزمات الداخلية وتطوير ملف حقوق الإنسان ليكون ذلك بمثابة ورقة يتم طرحها على ملف حقوق الإنسان.
- جاء الحديث عن التسويات في ظل الإعلان عن فوز حزب جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات البرلمانية الأردنية.
ثالثا: وقفات حول مضامين مركزية فيما نشر بالإعلام:
قامت المنصات الإعلامية اعتماداً على الحوار الذي انطلقت منه الأحداث بمحاولة سك مصطلحات ضلت طريقها فلم تصب ومن ذلك :
- الحديث عن “الصراع على السلطة” بديلا عن مصطلح “ المنافسة السياسية على السلطة “ والحقيقة أن المنافسة السياسية في الأنظمة الديمقراطية الحديثة تنظم العلاقة بين الكتل السياسية وتساعد على وصولها للحكم وليست صراعا بين هذه الكتل.
- الحديث عن “ تسوية سياسية “ بديلا عن الحديث عن “ المصالحة “ والأخير هو مصطلح مستهلك لا يحظى بأي قبول شعبي وقد استخدمته مجموعة المخالفين في الخارج في مواقف سابقه، إلا أن التعديل المذكور لا يعدو أن يكون تغييراً في الألفاظ ولا يمس الحقيقة بحال.
- الحديث عن “ المقاربة الأمنية “ بديلا عن “ القمع الأمني “ وذلك في إطار محاولة تخفيف الجرائم التي يقوم بها الانقلاب ، والحقيقة أن حالة القمع التي يتعرض لها الشعب المصري لا يمكن تجميلها أو تقليل آثارها الكارثية على المواطنين.
- القبول المبدئي أو عدم الممانعة من تعريف المعتقلين السياسيين بأنهم “محكومين “ وهو حديث يصطدم بالحقيقة الراسخة من أن الاعتقالات تمت على خلفية سياسية وبلا أي جريمة ، وأنهم معتقلون سياسيون وليسوا محكومين بأحكام قضائية حقيقية.
وقفات مع مضامين حول ما يسمى المصالحة:
- تم التركيز على التواصل الأمني باعتباره الخط الوحيد المطروح لإخراج المعتقلين بما يعطي دلالة على أن الاستجداء هو الطريق الوحيد لإطلاق المعتقلين في تجاهل كامل لكل الجهود التي بذلت على مدار أحدَ عشرَ عاماً من الأحرار في الداخل والخارج لإخراج المعتقلين من خلال التحرك المكثف مع المنظمات الدولية والمحلية ، وغير ذلك من وسائل الضغط.
- تم الحديث عن تقديم “الإخوان المسلمون” تنازلات سياسية باعتزال المشهد السياسي مقابل الإفراج عن المعتقلين ، والسؤال المطروح : هل في مصر سياسة؟..وهل سمح لتيارات العمل الدعوي من غير السياسيين بالعمل دون تضييق عليهم ؟.. وهل يسمح لأي حزب سياسي من القوى الليبرالية والقومية بممارسة السياسة وما اعتقال أحمد طنطاوي عنا ببعيد ، وهل التفاوض لإخراج المعتقلين بهذه الطريقة أو غيرها كما حدث مع علاء عبد الفتاح الذي أقام له عدد من قادة العالم مؤتمرا على هامش قمة المناخ في محاولة للضغط لإطلاق سراحه ومارس الإعلام الدولي والمنظمات الحقوقية دوراً ضاغطا لإخراجه ومع ذلك لم يفض الأمر إلى أية نتائج ملموسة !..
- تم استدعاء اسم الدكتور الرئيس محمد مرسي في إطار الحديث عن المصالحة ، إذ تم الزج باسمه بأن وسطاء اللقاء الذي تم بين الدكتور حلمي الجزار مع عبد الرحيم علي كانا شخصين قريبين من الرئيس الدكتور مرسي ، بينما الحقيقة التي يعرفها الجميع أن مواقف الرئيس الشهيد واضحة في رفض الاعتراف بالانقلاب إلى أن لقي ربه ودفع حياته ثمنا لثباته ومواقفه رحمه الله.
- تم استدعاء اسم الدكتور عصام العريان رحمه الله في سياق الحديث مع ماجد عبد الله ، للإيهام باتساق حديث المصالحة مع مواقف الدكتور عصام العريان رحمه الله ، والحقيقة أن مواقف الدكتور عصام لم تتغير ولم تتبدل وظل صامداً ثابتاً على رفضه الاعتراف بالانقلاب حتى لقي ربه شهيداً في سجون الظالمين.
- تم استدعاء اسم فضيلة الأستاذ عمر التلمساني المرشد العام الثالث للجماعة وذلك في سياق الحديث عن اعتزال الحياة السياسية بينما الحقائق التاريخية الواضحة تؤكد أنه في عهد الأستاذ التلمساني رحمه الله خاضت الجماعة الانتخابات على المقاعد الفردية عام 1979م إذ نافست على مقاعد البرلمان المصري ، وتحالفت مع حزب الوفد عام 1984 م وشكلت قائمة تحالفية ضمن قانون القائمة المطلقة تحت شعار “عودي يا مصر إسلامية” وكان أول برلمانيين من الإخوان في مجلس الشعب المصري في تاريخ الجماعة في عهد عمر التلمساني وهم : حسني عبد الباقي و حسن الجمل و محمد المراغي و محمد الششتاني و حسن جودة و محفوظ حلمي ، كما قامت السلطة أيام السادات باعتقال الأستاذ التلمساني بسبب إعلانه لمواقفه السياسية من السادات ولم يفرج عنه إلا بعد وفاة السادات.
- وبعد وفاة الأستاذ عمر رحمه الله تولى الأستاذ محمد حامد أبو النصر وشكل تحالفاً سياسيِّاً مع حزب العمل وحزب الأحرار وخاض الانتخابات البرلمانية ليحصد التحالف عدد 56 مقعدا وحصل الإخوان منهم على 36 مقعدا ، كما اتسعت دائرة المشاركة السياسية للإخوان بعد ذلك في انتخابات النقابات المهنية ومجلس الشعب في معظم الدورات البرلمانية بعد ذلك.
وقفات مع مضامين حول الأزمة الداخلية لجماعة “الإخوان المسلمون”.
- تقديم الدكتور حلمي نفسه بأنه “ مسؤول القسم السياسي لجماعة الإخوان المسلمون” ، والحقيقة أن هذه التسمية غير صحيحة وأن الدكتور حلمي يعبر فقط عن رؤيته الخاصة ورؤية مجموعته التي خرجت على الجماعة وأنشأت كيانات مستحدثة موازية في الخارج، ولكنها لا تعبر بأي حال عن مؤسسات الجماعة الرسمية بهياكلها الإدارية و لجانها المختصة ومسؤوليها الذين يمارسون عملهم بشكل كامل ، والحقيقة التي يعلمها الجميع أن جماعة “الإخوان المسلمون” لها قسم سياسي وبه أعضاء داخل وخارج مصر و قد كان الدكتور حلمي زميلا لهم في عضوية القسم قبل أزمة 2021م.
- الحديث بأن خلاف المجموعة التي يمثلها الدكتور حلمي بالخارج مع الجماعة هو فقط خلافٌ إداريٌ وأنه في طريقه إلى الانحسار ، غير صحيح نظراً لوجود خلافات منهجية مع تلك المجموعة بما يخالف رؤية الجماعة المعتمدة وقواعد العمل المؤسسي فيها، وقرارات مؤسساتها الرسمية.
- ورد فيما تم نشره في سياق المصالحة أن الأستاذ إبراهيم منير - رحمه الله - أوجد عدداً من المؤسسات في الجماعة وهي مجلس شورى، وهيئة إدارية جديدة، وأقسام تخصصية في عدد من الأقطار بالخارج ، والحقيقة أن الجماعة تملك مجلس شورى عام واحد في الداخل والخارج وهو الذي أنهى أزمة 2015 م واعتمد رؤية الجماعة في 2018 وغيرها من الأدوار الهامة والمفصلية في جماعة “الإخوان المسلمون” وحتى الآن ، كما أن للجماعة مؤسساتها وأقسامها التخصصية ، وقد حدث انقسام في الخارج لهذه اللجان التخصصية بعد أزمة 2021 م. حينها رفع المنشقون شعارات لتبرير خروجهم عن الجماعة مثل [ التطوير الشامل للوائح ومؤسسات الجماعة و لم شمل الجماعة وعودة المخالفين في أزمة 2015 و تمكين الشباب والمرأة و إخراج المعتقليين ] إلا أن كل هذه الشعارات ظلت حبراً على ورق دون أن تدخل حيز التنفيذ أو يحدث فيها أي نجاح ملحوظ.
- ورد أيضا أن المجموعة التي انشقت عن الجماعة لها تأييد واسع في الداخل والخارج وهو على خلاف الحقيقة ، فالإخوان داخل مصر يمثلون ما يقرب من 97% من مجمل الإخوان المصريين بينما يمثل من بالخارج جميعاً النسبة الباقية ، وقد قام فريق من هذه النسبة بالخارج من بينهم 13 عضوا من الشورى العام من أصل 27 عضواً موجودون بالخارج بمخالفة مواقف الجماعة ومؤسساتها الرسمية خاصة قرارات مجلس الشورى العام.
- ورد أيضا أن الخلاف الأخير داخل “الإخوان المسلمون” هو خلاف حول تفسير اللائحة ، في الوقت الذي تم فيه تأكيد أن الدكتور محمود حسين هو عضو مكتب الإرشاد الوحيد خارج مصر ، والحقيقة أن أي خلاف يتم فيه الرجوع إلى مجلس الشورى العام المنتخب لحسم الخلاف ، إضافة إلى تفعيل المادة 5 من اللائحة والتي تنص على “ أن يتولى مهام المرشد في حين غيابه أكبر النواب ثم الذي يليه ثم أكبر أعضاء مكتب الإرشاد “ وهو ما ينطبق على الدكتور محمود حسين.
- ورد الحديث عن صحة اختيار الدكتور صلاح عبد الحق والذي اعتمد على تزكية 13 عضوا من أعضاء مجلس الشورى العام ( وهم المخالفون ) والذين لا يمثلون إلا 20% فقط من إجمالي عدد أعضاء المجلس وذلك بالمخالفة لكل قواعد الاختيار داخل الجماعة .
رابعا : خلاصات..
- أن جماعة “الإخوان المسلمون” لم تقدم على مثل هذه الخطوات التي جاء ذكرها في كافة المنصات الإعلامية التي تم الترويج لها على أنها قبول الجماعة بالمصالحة أو التسوية مع سلطة الانقلاب وهو ما لم يحدث جملة وتفصيلاً.
- ما كان يحتاجه الإخوان بالداخل اليوم هو تقديم مبادرات لعموم القوي السياسية وللشعب المصري بالاتحاد ووضع رؤية شاملة لإنقاذ مصر من سلطة مجرمة مستبدة وليس دعوة هذه السلطة لبناء الثقة ، فالبوصلة الحقيقة والصحيحة هي الحديث للشعب وللقوى السياسية مجتمعة و لصف الإخوان بضرورة التوحد حول مشروع يضعه الجميع لبناء الثقة ووضع خارطة طريق لمشروع إنقاذ وطني يتخلص من الاستبداد ويحافظ على مؤسسات الوطن ومقدراته ويعيد للمواطن والوطن كرامته وعافيته وحريته تتعافى معه مصر من الفوضى الحالية و الانقسام المجتمعي والفساد الإداري والكوارث الاقتصادية في بلد يقسم ويباع كل ما فيه ويتعرض لمخاطر تهدد وجوده.. وهو الواقع الذي ندعو إخواننا بالخارج لقراءته.
- ومع كل ما مضى وسبق بيانه فإن جماعة “الإخوان المسلمون” بكل قطاعتها بدءاً من قيادتها المتمثلة في القائم بأعمال فضيلة المرشد العام أ.د. محمود حسين تؤكد أنها مع كل توجه وطني صادق يخدم مصر وشعبها الكريم كما ورد في كافة وثائقها السياسية والتي كان آخرها ما صدر بعنوان معالمُ الرُؤيةِ السياسيةِ لجماعةِ “الإخوانُ المسلمون “ - وثيقةُ يناير . 2024
جماعة “الإخوان المسلمون”
أمانة القسم السياسي
الأحد 26 ربيع الأوّل 1446 هـ - 29 سبتمبر 2024 م