قالت مجلة "إيكونوميست" في تقرير لها عن أوضاع السودان، إن الاضطرابات الحالية سببها محاولة الجيش الحفاظ على الوضع الراهن، ومنع عملية التحول الديمقراطي التي ستؤدي لخسارته وضعه الخاص.

وأضافت أن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك استقال يائسا في 2  يناير، وبعد يوم آخر من الاحتجاجات ضد الحكومة. ولم يقض حمدوك في فترته الثانية بعد الانقلاب سوى ستة أسابيع أو أقل.

فقد قبل العودة إلى المنصب مترددا، وبعد الإفراج عنه من الإقامة الجبرية التي فرضها الجيش عليه، في أعقاب انقلاب 25 أكتوبر.

وأوردت المجلة: "كان الاقتصادي السابق الودود يأمل في أن تؤدي عودته الجديدة إلى وقف المواجهات العنيفة بين ناشطي معسكره، المطالبين بالديمقراطية والجنرال القاسي عبد الفتاح البرهان".

وقالت: "انتهى حمدوك في أسوأ الحالين، فقد اتهمه الناشطون في معسكره بمنح العسكر الغطاء للانقلاب وخرجوا للشوارع في أعداد أكبر من السابق. أما الجيش فقد رفض محاولاته للتوسط مع المحتجين، وقرر حصدهم، واستخدام القوة. وقتل منذ أكتوبر أكثر من 50 محتجا". 

وتابعت: "عليه، فالسودان يواجه مأزقا معروفا، ويعيش تحت رغبات النظام العسكري بعد الانقلاب. وفي القارة الحافلة بالسجل السيئ لتحركات العسكر، فالسودان يحتفظ بمرتبته الخاصة، ستة انقلابات وعشر محاولات فاشلة منذ الاستقلال في 1956. لكن حالة عدم الاستقرار تسارعت منذ الإطاحة بنظام عمر البشير، المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور، بثورة شعبية في إبريل 2019".

ولفتت إلى أن الجيش السوداني "رد على التظاهرات التي طالبت بتخليه عن السلطة بالقوة وقتل أعداد من المتظاهرين. وبعد سلسلة من المفاوضات حصل نوع من التحالف غير المريح بين الجنرالات والتكنوقراط بقيادة حمدوك الذي شكل حكومة في أغسطس 2019 وظلت في مكانها حتى انقلاب أكتوبر 2021"

وقالت: "يبدو أن الجدول الذي أوكل للحكومة الانتقالية القيام به وهو تعبيد الطريق أمام الانتخابات بات بعيدا الآن"، مضيفة أن "النخبة العربية العسكرية حكمت السودان، وسيطرت على ثرواته منذ الاستقلال، وغلفت حكمها بإطار إسلامي. وكانت النتيجة اندلاع الحروب بين المركز والمناطق المهمشة".

وشددت على أنه "يهدد الحكم المدني الذي يجلب معه الشفافية والديمقراطية المصالح المالية للجيش. وحاول حمدوك الذي رحب الغرب به وقدم الدعم له تعريض المجموعة العسكرية-الصناعية الضخمة للرقابة، وهو ما دفع النخبة العسكرية للرد عليه". 

ويضاف إلى هذا الدعم الروسي للجنرالات. وقدمت شركة فاجنر، وهي شركة تعمل من أجل مصالح الكرملين المرتزقة لتدريب المليشيات ودعمها بالمواد الأخرى. وحمت روسيا السودان في مجلس الأمن حيث مارست دورها المخرب ضد الغرب.

وأوردت المجلة أن "الصين منحت حماية للجنرالات نظرا لاستثماراتها الواسعة في البلاد. ويواجه السودان تضخما بنسبة 100% وبالكاد يستطيع السكان الحصول على المواد الأساسية ويعيش الملايين في معسكرات اللاجئين، وبالمقارنة، فإن النخبة تفلت من العقاب، حيث عثر على 130 مليون دولار في أكياس ببيت البشير، وهو ما يفسر السبب أن النخبة العسكرية ستقاتل من أجل الحفاظ على الوضع الراهن".