"لا تفاوض مع القتلة ولا تنازل عن الشرعية وضرورة القصاص من القتلة".. تلك كانت أهم كلمات القائم بأعمال مرشد جماعة الإخوان المسلمين وأحد أهم القيادات بها، الدكتور محمود عزت، الذي وُلد في 13 أغسطس 1944 بمنطقة مصر الجديدة بالقاهرة، وتعرَّف الدكتور عزت إلى "الإخوان المسلمين" سنة 1953، وانتظم في صفوف الجماعة في 1962.

درجاته العلمية

حصل الدكتور عزت على الثانوية العامة عام 1960، ثم حصل على بكالوريوس الطب في العام 1975، والماجستير في 1980، ثم الدكتوراه في 1986، من جامعة الزقازيق، حيث عمل أستاذًا فيها.

لم يكتف الدكتور عزت بالدراسات الخاصة بمجال دراسته وعمله الطبي، حيث حصل على دبلوم معهد الدراسات الإسلامية في العام 1988، وكذا إجازة قراءة القرآن برواية حفص، من معهد القراءات في العام 1999.

اعتقالاته

اعتقل الدكتور عزت سنة 1965، وحكِم عليه بعشر سنوات وخرج عام 1974، وكان وقتها طالباً في السنة الرابعة في كلية الطب، التي تخرج منها في 1976.

واعتقل لمدة ستة شهور في القضية المشهورة للإخوان المسلمين والتي عرفت إعلاميا بإسم سلسبيل وكان ذلك على ذمة التحقيقات وخرج عام 1993.

واعتقل مرة أخرى عام 1995 وحكم عليه بالسجن مدة 5 سنوات وكانت تهمته حينها المشاركة في انتخابات مجلس شورى الجماعة واختياره عضوا في مكتب الإرشاد وخرج عام 2000 من السجن.

كما اعتقل أيضا في 2 يناير 2008 بسبب مشاركته في تظاهرة لجماعة الاخوان المسلمين في القاهرة تعترض على قصف الكيان الصهيوني على غزة.

عمله الدعوي

ارتبط أسم الدكتور عذت بالعمل الدعوي في مصر، وخصوصاً الطلابي التربوي، حتى ذهب للعمل في جامعة صنعاء باليمن في قسم المختبرات سنة 1981، ثم سافر إلى إنكلترا ليكمل رسالة الدكتوراه، ومن ثم عاد إلى مصر ونال الدكتوراه من جامعة الزقازيق سنة 1985.

واختير عزت عضواً في مكتب الإرشاد، سنة 1981، وشغل الدكتور عذت، موقع نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية الطبية الإسلامية، التي كانت تمتلك نحو 28 مستشفى على مستوى المحافظات المصرية، عدة بحوث منشورة وأنشطة في مجال مقاومة عدوى المستشفيات في مصر وبريطانيا. وله عدة بحوث في الأمراض الوبائية في مصر، مثل الالتهاب السحائي الوبائي، ووباء الكوليرا.

وتولى عزت منصب المرشد العام بالإنابة في 20 أغسطس 2013، عقب اعتقال فضيلة المرشد  العام الدكتورمحمد بديع، بعد أيام من فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة ، بعد أن كان نائباً للمرشد قبلها.

 وعلى مدار السنوات التي أعقبت الانقلاب العسكري وفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، صدرت باسم الدكتور عزت عدة بيانات ورسائل في مناسبات مختلفة، باعتباره قائماً بأعمال المرشد العام للجماعة، في وقت لم يكن مكانه معلوماً.

رسائله

في مايو 2016 بثت مواقع الجماعة الرسمية رسالة للدكتور محمود عزت تحت عنوان "إن لم يكن بك علينا غضب فلا نبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لنا".

 جاء فيها" "ما أحوج المسلمين اليوم، وقد بلغوا الملياري مسلم، أن يلحقوا بأمتهم الواحدة خلف نبيهم صلى الله عليه وسلم، فينبذوا خلافاتهم، ويحتضنوا ثوراتهم، ويرددوا دعاءهم: إن لم يكن بك علينا غضب يا الله فلا نبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لنا". وأكد عزت، في رسالة للصف الإخواني، أن "عافية الجماعات والأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية في وحدة صفها، والتزامها بمبادئها ونُظمها التي لا تتعارض مع دينها، وكل هذا لا يمنعها من التعاون في ما اتفقت عليه، ويعذر بعضها بعضاً في ما اختلفت فيه". ووجه أيضاً رسالة لمن وصفهم بـ"الثوار"، قائلاً إن "عافية الثوار في استمرار نضالهم وتضحياتهم، حتى يُسقطوا كل جبار عنيد، ويستعيدوا حريتهم وكرامتهم وعدالتهم الاجتماعية. وعافية الشعوب في وعيها واحتضانها لثوراتها، وتعارفها في ما بينها، ونبذها للطائفية المهلكة، والعرقية المنتنة".

كما تطرق عزت، في الرسالة التي بثتها الجماعة، إلى بعض القضايا التي كانت مثارة وقتها، ومنها تنازل النظام الانقلابي عن جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية. وقال إن "عافية الأوطان في الحفاظ على أرضها ومقدراتها وثرواتها والدفاع عنها، وعدم التفريط في شبر من ترابها لعدو أو صديق، وعافية النظم والحكومات في استجابتها لشعوبها، وإقامة العدل وتحقيق الرفاهية، ومنع الفساد والإسراف، وألا يبتغوا العزة عند أعداء الأمة".

وفي 24 فبراير 2017، أصدر عن الدكتور عزت واحدة من الرسائل التي كانت تنتظرها صفوف الجماعة ومراقبو المشهد السياسي، بعد ساعات قليلة من إعلان الأمن الانقلابي اعتقال الدكتور محمد عبد الرحمن المرسي، للوقوف على مصير الجماعة ومستقبلها داخلياً.

وتحدث الدكتور عزت عن مجموعة من الترتيبات التنظيمية عبر رسالة صادرة باسمه نشرتها حسابات الجماعة الرسمية، في إشارة إلى عدم توقيفه خلال عملية القبض على المرسي.

 وقال، في الرسالة التي نشرتها الصفحة الرسمية للجماعة عبر موقع "فيسبوك"، فجر الجمعة 24 فبراير 2017: "تم إلقاء القبض على محمد عبد الرحمن المرسي، رئيس اللجنة اﻹدارية العليا المؤقتة التي تدير الجماعة في الداخل، وعدد من إخوانه القائمين على خدمته ومساعدته". وأضاف عزت أن "جماعة اﻹخوان المسلمين ليست ملكاً لفرد وﻻ تبعاً لقائد، حيث أصبح على رأس كل موقع في الجماعة صغير أو كبير مجلس منتخب ومسؤول منتخب، ما يحفظ للجماعة كيانها واستمراره".

وفي إشارة إلى ما اعتبره تسلسلاً تنظيمياً للجماعة لم يتأثر بالقبض على القيادة الثانية، تابع عزت "الراية التي يحملها محمد عبد الرحمن وإخوانه لن تسقط أبداً، وإن جماعتنا لا ترتبط بأشخاص، ولكنها تعمل بمؤسسات، ومهما علا قدر الأفراد فيها فإن الدعوة لا تتوقف والعمل لا يتعطل، مهما حدث".

 وفي رسالة لوسائل الإعلام، أعلن عزت عن ترتيبات تنظيمية برئاسته، قائلاً "أخيراً، لوسائل الإعلام نكرر أن المسؤول الأول عن الجماعة هو محمود عزت، القائم بأعمال المرشد، واللجنة الإدارية العليا المؤقتة المكونة من أعضاء مجلس الشورى العام (أعلى هيئة رقابية بالجماعة)، وفي الخارج إبراهيم منير، نائب المرشد العام، ومحمود حسين، الأمين العام للجماعة".

وفي الثامن من يونيو 2016، أصدر عزت رسالة دعا من خلالها أعضاء جماعة الإخوان المسلمين للمشاركة في الحراك الثوري السلمي لمواجهة الانقلاب العسكري، مطالباً "بالبذل رفضاً للظلم والاستبداد، وطلباً للحرية والكرامة والثقة بنصر الله". وشدد، في الرسالة، على أن "الجماعة تُمثل النواة الصلبة للمشروع الإسلامي الحضاري العالمي في مواجهة نظام عالمي مادي لاإنساني، ما زالت الولايات المتحدة الأميركية، والصهيونية العالمية، تنفرد بقيادته، وتحالفت معهما القوى الاستعمارية الشرقية والغربية، مستغلين الطائفية المهلكة والعرقية المنتنة لتمزيق الأمة ونهب ثرواتها". وحذر، في كلمته، من "اختزال المعركة في مقاومة الانقلاب، لأن ذلك لا يُمثل إلا جزءاً منها، أو فصلاً من فصولها، ومقاومة الاستبداد والفساد والتبعية للمشروع الصهيو-أميركي هي الأساس". كما حذر من "اختزال المعركة بتصويرها صراعاً بين الإخوان والعسكر، أو بينهم وبين قائد الانقلاب".

وفي 17 إبريل2017، أصدر عزت رسالة كانت حاسمة بشأن عمليات جر شباب جماعة الإخوان المسلمين نحو العنف. وقال إن "صمودكم في وجه الانقلاب هو عين القوة، وحفاظكم على سلمية الثورة المصرية هو عين العقل ورأس الحكمة، وصيانتكم للوطن من الانزلاق إلى أتون الحرب الأهلية التي تأكل الأخضر واليابس هو عين الوطنية، وحرصكم على تماسك النسيج الوطني هو عين الثورية. نعم، لقد دفعتم ثمن ذلك ضريبة غالية من الدماء والأموال والاعتقالات، ولكنكم حافظتم بذلك على الوطن حتى يأتي اليوم الذي تتمكنون فيه بإذن الله من إعادة بنائه مع المخلصين من أبناء شعبكم على قواعد جديدة، من العدل والمرحمة والحرية والكرامة الإنسانية، حتى تكون خيرات الوطن لكل أبنائه، ولكل أجياله، ولا يُحرم أحد من حقه بسبب عقيدته أو لونه أو جنسه أو سنه أو مهنته أو عائلته أو إقليمه أو رأيه السياسي. وكلنا ثقة أن هذا اليوم آتٍ لا محالة بإذن الله، وسينعم الجميع بالحرية، ويشارك كل أبناء الوطن في بنائه، وينتفع كل أبناء الوطن بخيراته".

الاعتقال الأخير

بعد 7 سنوات مليئة بالجهاد وتحمل مسئولية جماعة الإخوان المسلمين، وبالتحديد منذ الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو 2013، ألقت مليشيات الانقلاب، الجمعة 28 اغسطس 2020 ، على الدكتور محمود عزت، القائم بأعمال مرشد الجماعة، في إحدى الوحدات السكنية بمنطقة القاهرة الجديدة.