ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بموجة غضب واسعة، إثر انتشار صور تظهر هدم قبة مستولدة محمد علي باشا التاريخية في مقابر الإمام الشافعي في قلب القاهرة، لما تعكسه من قيمة معمارية تشكل جزءاً من التراث الثقافي للبلاد، من أجل إنشاء جسر مروري جديد يربط بين الطريق الدائري ومحور صلاح سالم.

 

وتمثل قبة مستولدة محمد علي جزءاً مهماً من الهوية وتحمل قيمة معمارية وأثرية لا تقدر بثمن، ومع ذلك شرعت سلطات الانقلاب في هدمها، ما يشكل تهديداً للتراث والتاريخ .

 

وتنص المادة الأولى من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 على أنه "يعتبر أثراً كل عقار أو منقول أنتجته الحضارات المختلفة، أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان من عصر ما قبل التاريخ، وخلال العصور التاريخية المتعاقبة حتى ما قبل مئة عام، باعتباره مظهراً من مظاهر الحضارات التي قامت على أرض مصر، أو كانت لها صلة تاريخية بها. وكذلك رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها".

 

وعلّق الممثل خالد النبوي، الذي أدى دور البطولة في مسلسل "رسالة الإمام" عن قصة الإمام محمد بن إدريس الشافعي، وأنتجته الشركة المتحدة المملوكة للمخابرات، العام الماضي، على هدم قبة حليم باشا، والد الأمير محمد عبد الحليم ابن محمد علي باشا، قائلاً عبر حسابه الشخصي على منصة إكس: "عمرها آلاف السنين، عاوزين تخلوا عمرها صفر ليه؟!".

وكانت محافظة القاهرة قد أصدرت قراراً بتعليق عمليات دفن الموتى في اثنتين من أشهر مقابرها التاريخية تقعان في نطاق محور صلاح سالم المروري الجديد، وهما مقبرة الإمام الشافعي ومقبرة السيدة نفيسة، تمهيداً لإزالتهما. ونقل رفات المتوفين فيهما إلى مدافن التعويضات البديلة في مدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية.

 

ودفعت احتجاجات شعبية قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي إلى تأليف لجنة خبراء في يونيو 2023، الهدف منها التوصل إلى رؤية متكاملة لتطوير المنطقة، ودراسة نقل المدافن الأثرية من السيدة نفيسة والإمام الشافعي، وتجميع رفات الرموز المصرية فيما يعرف باسم "حديقة الخالدين" بما يسمى العاصمة الإدارية الجديدة، وإنشاء متحف ملحق بها يضم القطع الفنية والأثرية الموجودة في تلك المدافن للحفاظ عليها.

إلا أن "بلدوزر سلطة الانقلاب " سرعان ما عاد لاستكمال دعس مقابر السيدة نفيسة والإمام الشافعي، ومنها مقبرة الشاعر الراحل محمود سامي البارودي، الشهير بـ"شاعر السيف والقلم"، والتي تضم قطعاً رخامية منقوشاً عليها بماء الذهب، جرى استيرادها من إيطاليا قبل عقود طويلة، إلى جانب قطع نادرة من النحاس لها طابع تاريخي.

 

وسبق أن أزالت الجرافات حوش عتقاء الأمير إبراهيم حلمي الأثري الخاضع لإشراف وزارة الأوقاف ، ومقبرة شاعر النيل حافظ إبراهيم، وغيرها من المقابر ذات الطابع التراثي والمعماري المتميز.