خلال الـ24 ساعة الماضية انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دعوات بعنوان "طوفان مصر"، و"ثورة الكرامة"، تطالب المصريين بالثورة والخروج  لإإسقاط العميل الصهيوني عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب،

وتتواصل المقاطع المصورة التي يُعبر من خلالها مواطنون عن غضبهم من نظام الالانقلاب، ويطالبون برحيله.

الدعوة الثانية للثورة ضد السيسي، جاءت من قلب العاصمة الإدارية الجديدة التي يبنيها قائد الانقلاب بالمزيد من الديون منذ العام 2015، واستنزفت جميع موارد البلاد، ودفعتها للسقوط في أزمة الاقتراض الخارجي، حيث إنه وبحسب وكالة "رويترز" للأنباء تبلغ تكلفة إنشاء العاصمة بالكامل حوالي 58 مليار دولار.

ومن أمام محور "ابن زايد الجنوبي"، وبقرب مسجد "الفتاح العليم"، بالمدينة التي تبعد عن القاهرة نحو 60 كيلومترا، دعا أحد المصريين الشعب للخروج والتظاهر ضد السيسي، ضمن ما أسماه بـ"ثورة الكرامة" التي قرر أن تخرج من كل مساجد مصر يوم 12  يوليو المقبل.

"فورة غضب واسعة"

وتأتي تلك الدعوات في ظل حالة من الغضب الشعبي الواسع ضد الأوضاع الاقتصادية، ودعوات العديد من المصريين عبر مقاطع مصورة بوجوههم علنا، للثورة على الأوضاع، والإطاحة بالسيسي.

"دعوات اصطفاف"

وبالتزامن مع دعوات التظاهر، ومؤشرات الغضب الشعبي الواسع، هناك دعوات لافتة لاصطفاف المعارضة في مواجهة نظام السيسي، بينها للناشط والسياسي المهندس يحيى حسين عبدالهادي، الذي وجه خطابه إلى من دعاهم بـ"العقلاء والكِبارِ في كل التيارات والفصائل".

وتحت عنوان "من هنا نبدأ"، قال: "ما يجب أن نبدأ به الآن وفوراً دون انتظارٍ لزوال الغُمَّة (ولن تزول إلا به) هو خَفْضُ منسوب الاحتقان ومكايدات الصغار وتَلاسُن العِيال بين فصائلنا وتياراتنا نحن الشعب المقموع".

وخاطب جميع فصائل وتيارات المصريين قائلا: "فلنُؤَجل شِجارنا لما بعد النجاة، أَمَّا الآن فلنحاول معاً فَكَّ السلسلة، غير ذلك سَفَهٌ، بل خيانةٌ".

وفي هذا الإطار، قال الناشط  خالد السرتي: "‏أتحدث عن بناء ثورة حقيقية منذ سنوات، ‏ومراحلها وشروطها ومحاذيرها، ‏وخطتها، ‏وقياس الجاهزية الضامن لنزول أعداد كبيرة في وقت واحد بانتشار معجز للقوى الأمنية".‌

"معادلة المنظومة والمعارضة والشعب"

وفي رؤيته، قال السياسي وليد مصطفى، إن "الثورة ببساطة تحدث عندما لا يستجيب النظام للسبل والأُطر الديمقراطية، عبر الصناديق والانتخابات، والمجالس النيابية المنتخبة عبر انتخابات حقيقية، وقبول المساءلة، وسحب الثقة، وطلب التغيير، وحق التظاهر السلمي، فعندها لا يكون أمام الشعب وسيلة إلا الثورة".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "تلك الثورة تكون بهدف فرض الشعب على النظام الخضوع للديمقراطية ولإرادة الشعب والتغيير، فالثورة هي وسيلة لإحداث التغير، وليست التغيير نفسه، وهي فرصة لأن يمارس الشعب الديمقراطية ويفرض هذا المسار، ولكن المهم أن يكون للشعب رأي".‌

ولفت إلى أن "المشاهدات في مصر منذ ما يسمى بأحداث محمد على 2019 و2020، وشاهدنا الخروج الغاضب لمصريين تلاه ما يسمى بالدعوة إلى ثورة (11/11) أو ثورة المناخ 2022، والتي كشفت عن غضب شعبي ورغبة في النزول مهما كان الثمن".

وأشار إلى أن "الحالة الأفضل كان ما حدث في انتخابات نقابات المهندسين، والمحامين، والصحفيين، (هزيمة مرشحي النظام لحساب تيار الاستقلال)، انتهاء بما يسمى الانتخابات الرئاسية نهاية 2023 ومحاولة السياسي المحبوس حاليا أحمد الطنطاوي، إحداث حركة في ظل الصمت الرهيب، والتي قابلتها المنظومة كاملة من كل مؤسسات النظام بمنعه من الحصول على التوكيلات الشعبية والترشح للانتخابات".

وألمح مصطفى، إلى أن "المشاهدات الحالية تقول إن الشعب المصري غاضب جدا، ولو وجد مساحات سياسية آمنة سيتحرك فيها، مثل انتخابات النقابات وانتخابات الرئاسة، ولكن هناك مشكلتان وطرفان أولهما المعارضة السياسية، ثانيهما الشعب المصري".

وقال إن "ما حدث من تنكيل وقتل للحياة السياسية وإنهاء للمعارضة وتشريدها واعتقالها وقتلها كان له أثر فعال، بالإضافة إلى ما بين المعارضة من مشاكل لا تُعد ولا تُحصى".

وأكد أن "هذا يحرم المعارضة من التواصل والوصول لمسار ديمقراطي حقيقي يقدمونه للناس كمسار للتغيير"، موضحا أنه "رغم أن الناس كانت مرعوبة من دعوات التظاهر في (11/11)، لكنها كانت مستعدة لأي تغيير، إلا أنها لم تثق في أحد من الداعين".

ويرى أن "هذه مشكلة كبيرة حيث لا تحوز المعارضة على ثقة الشعب، ولو حازت الثقة فإن مشهد فشل الانقلاب العسكري في بوليفيا، الأربعاء 26 يونيو الجاري، وغيرها من الدول، أمر بسيط وسهل حدوثه في مصر".

ويعتقد أن "المشكلة يراها المصريون فيما بعد المشهد الثوري، والمصري رغم غضبه وسخطه من النظام لم يجد من المعارضة وسيلة ولم تقدم له مشروعا حقيقيا قابلا للتحقيق، فيه سلم مجتمعي، وعدالة انتقالية، وأمانا، مشروع يرى ما يحدث بالمنطقة من أزمات، وما وصلت إليه مصر من انهيار وإفساد وضياع مقدرات".

وأكد أنه "عندها سيحدث التغيير، ولن يقف أمامه أحد مهما كانت لديه من قوة"، مشيرا إلى أن "النظام فشل في حشد أنصاره فيما يسمى الانتخابات الرئاسية في ديسمبر الماضي، وكان لديه خوف شديد من أن أية تجمعات تابعة له قد تتظاهر ضده، وأصبح لا يأمن الحشد حتى من الموالين له، كما حدث في مرسى مطروح من مظاهرات ضده بين أنصاره وقت الانتخابات".

وخلص وليد مصطفى، إلى القول إن "النظام في مصر لم يعد لديه مؤيدون، ولكن لديه قبضة حديدية، والمشكلة لدى المعارضة ولدى الشعب ولدى المنظومة، وعلى كل منها أن يؤدي دوره".

ولفت إلى أنه "على المنظومة أن تدرك أنها تودي بنفسها وبالجميع إلى الهلاك، ولا بد أن يكون هناك رجل رشيد"، مضيفا أن "على المعارضة أن تقابل الواقع غير الديمقراطي وتتعامل معه وتتخطى العقبات، وتنشئ مشروعها وتقدمه للناس أو تعتزل الحياة السياسية".

وختم مؤكدا  ضرورة أن "يكون الشعب صاحب إرادة ويستعد لدفع ثمن التغيير، وبينما يدفع الآن في كل لحظة من كرامته ووجوده ومقدراته ومستقبله ومستقبل أولاده بلا مقابل، عليه أن يستعد ليدفع بمقابل، مستقبل، وحياة كريمة، وأمل في وطن حقيقي".

ويعتقد المحلل السياسي أحمد حسن بكر أن هناك "بركان غضب وشيكا"، موضحا أن "البعض -من داخل مؤسسات النظام الأمنية- يتوقع ويتخوف من انفجار بركان الغضب الشعبي دون ترتيب أو إتفاق، ولو حدث هذا الانفجار الشعبي -وفقا للرؤية الأمنية- فإن تبعاته ستكون مدمرة، وستأخذ البلاد إلى ما لا يُحمد عقباه".

ولفت إلى أن "البعض يقول إن الأجهزة الأمنية ترفع تقاريرها للسيسي، على استحياء، لأنه مازال لا يرى أن سفينة الوطن تغوص نحو قاع مظلم".

وأضاف: "يتوقع البعض أن القمع الأمني لأي حراك سيكون وفقا لحجم الحشود في الشارع، فلو رأت الأجهزة الأمنية مشاركة واسعة، فلن تملك ساعتها إلا الإعلان عن انضمامها للشارع ومساندة الحراك، وستكتفي بحماية مقارها الأمنية، وأفرادها".

‌"موقف الجيش يثير الخوف"

ويرى بكر، أن "موقف المؤسسة العسكرية هو ما يثير الخوف، لأن هناك حالة غضب مكتومة في نفوس الجنود والضباط من سياسات السيسي ونظامه".

وقال إن "الخوف كل الخوف أن يحدث انقسام داخل المؤسسة العسكرية، حيث ستنضم الغالبية العظمى من قياداتها لمطالب الشعب، فى حين ستكون قيادات المجلس العسكري المنعمة والمقربة، والمتورطة في كافة جرائم وكبائر السيسي، في حق الوطن، ستكون رافضة للحراك الشعبي، حفاظا على مكاسبها، وستحاول إصدار أوامر بقمع التظاهرات، ومطالبات التغيير، وهنا ستكمن الخطورة".

وخلص للتأكيد على أن "استجابة الجماهير للثورة ستكون مرهونة بوجود قيادات تعلن عن نفسها مقدما، وتكون ذات وزن وثقل في الشارع".

ولا يظن بكر، أن "تلك الدعوات مصدرها أجهزة أمنية، لأن قياداتها تتمنى استمرار السيسي في الحكم، حتى لو ضاعت مصر، لأنهم يعلمون أن رحيلهم ومحاكمتهم مرهون برحيل السيسي".

وختم قائلا: "كمواطن مصري، أتمنى التغيير السلمي، وانتقال السلطة بشكل ديمقراطي، وإن استحال الأمر، فلتكن ثورة بقيادات، ومطالب محددة، حتى لا تنزلق البلاد للفوضى والتخريب، والاحتراب الأهلي، لو ثار وانطلق بركان الغضب فجأة ودون ترتيب، ودون قيادة".