ندى جمال

نجحت العلمانية في إقناع بعض المجتمعات بوجوب المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في كل شيء؛ في السياسة، والعمل، والحياة الاجتماعية، وفي كل الحقوق وكذلك في كل الواجبات.

وهذا مصادم لكل من الفطرة والواقع، فالفطرة والواقع في كل المجتمعات يقولان بلسان الحال والمقال: إن الذكر ليس كالأنثى؛ (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى) (آل عمران: 36)، وأن قدرات الرجل تختلف اختلافاً كاملاً عن قدرات النساء.

فالمرأة تتميز عن الرجل بالحنان والصبر والحب، وهي أقدر من الرجل على التعامل مع الأطفال وأصبر على الإيفاء باحتياجاتهم وحل مشكلاتهم.

والمرأة محبة للتزين والتجمل، ولها اهتمامات تختلف عن اهتمامات الرجل بالملابس والذهب والأثاث، وهي أكثر ارتباطاً بالقرار في البيت من الرجل.

والرجل في المقابل أقدر على النجاح في مجالات العمل خارج البيت، وخاصة في المجالات السياسية والعسكرية والتجارية، وأقل رغبة في إنفاق المال.

والرجل أقدر من المرأة على التعامل مع الأمور بقدر أكبر من البرجماتية وقدر أقل من العواطف، وأقدر كجندي على تحمل الأخطار والقتل والأسر والأمراض والجوع والبرد والحر.

وحتى في المجال السياسي ثبت أن الرجال أقدر على التعامل مع الصراعات وأقدر على المداراة والمكر والخديعة وغيرها.

والواقع في الشرق والغرب يصدق ذلك، ففي الولايات المتحدة، أكثر الدول دعوة للمساواة بين الرجال والنساء، لم تنجح النساء، حتى الآن، في إيصال امرأة لسدة الرئاسة، في دولة قامت وتحرص على أشد أنواع العلمانية.

متكاملان وليس متنافسين

خلق الله تبارك وتعالى الرجل والمرأة متكاملين لا متنافسين، فالرجل لا يحب أن يقاتل المرأة، بل يقاتل من أجل المرأة، والمرأة لا تميل لمنافسة الرجل، بل تعمل على استمالته، وتجتهد وتبذل قصارى جهدها من أجل اجتذاب حبه وإرضائه، وهو كذلك يظهر كل المؤهلات التي تجذب إليه المرأة.

والرجل يفقد كل شيء إذا ما تشبه بالمرأة، يفقد احترام النساء والرجال له، يفقد موقعه في المجتمع، واحترام المجتمع له، ويفقد حتى ثقته واحترامه لنفسه، والمرأة التي تتشبه بالرجال تفقد جاذبيتها للرجال وتتحول إلى مسخ لا ينتمي لعالم النساء ولا لعالم الرجال، ولذلك لعن النبي ﷺ من النساء المتشبهات بالرجال، ومن الرجال المتشبهين بالنساء؛ عن ابنِ عبَّاسٍ رضي اللَّه عَنْهُما قَالَ: «لَعَنَ رسُولُ اللَّه ﷺ المُخَنَّثين مِنَ الرِّجالِ، والمُتَرجِّلاتِ مِن النِّساءِ»، وفي روايةٍ: «لَعنَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ المُتَشبِّهين مِن الرِّجالِ بِالنساءِ، والمُتَشبِّهَات مِن النِّسَاءِ بِالرِّجالِ» (رواه البخاري)، وعنْ أَبي هُريْرةَ رضي الله عنه قَالَ: «لَعنَ رسُولُ اللَّه ﷺ الرَّجُلَ يلْبسُ لِبْسةَ المرْأةِ، والمرْأةَ تَلْبسُ لِبْسةَ الرَّجُلِ» (رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيحٍ).

النسوية والهوية الجندرية

لم يقل بغير هذا التكامل الرباني بين الرجل والمرأة أحد، لا في الماضي ولا في الحاضر، إلا لوبي النسوية صاحب أجندة سحب الاعتراف بكل ما تعارف عليه البشر منذ فجر الخليقة، وهم الذين اخترعوا بدعة «الجندر» أو النوع، فالبشر عندهم ليسوا ذكوراً وإناثاً، وتعريف الجندر عندهم يختلف عن كل ما اعتاده البشر أو تعارفوا عليه:

حيث تشير ما تسمى «الهوية الجندرية» إلى التصور الداخلي لجندر الشخص، وكيفية تصنيف الفرد لنفسه اعتماداً على مدى توافقه من عدمه مع ما يفهمه من الخيارات الجندرية، وتشمل تصنيفات الهوية الجندرية الشائعة الرجل والمرأة وأحرار الجندر والمتحولين جندرياً/ جنسياً من بين التصنيفات الأخرى، وغالباً ما يتم الخلط بين الهوية الجندرية مع الجنس البيولوجي، أو الجنس الذي تم تحديده عند الولادة!

هذا العبث يهدد البشرية

وهكذا لا يعترف هذا اللوبي؛ لوبي النسوية، بما تعارفت عليه البشرية منذ آدم عليه السلام، من أن البشر رجال ونساء فقط، ويحاول فرض الاعتراف بهويات أخرى غير طبيعية، وغير واقعية، وهذا العبث يهدد البشرية بالفناء والانقراض.

في كتابه «فهم الطبيعة البشرية» يسلط ألفريد أدلر، الضوء على الفوضى السائدة بين الجنسين بقوله: «إن مغالطة دونية المرأة وتفوق الرجل، أو العكس، تزعج باستمرار الانسجام بين الجنسين، ونتيجة لذلك، يتم إدخال توتر غير عادي في جميع العلاقات الجنسية، وهذا بالتالي يهدد، وفي كثير من الأحيان يبيد تمامًا، كل فرصة للسعادة بين الجنسين، فكل حياتنا العاطفية مسمومة ومشوهة ومتآكلة بسبب هذا التوتر، وهذا يفسر لماذا نادراً ما يجد المرء زواجاً متناغماً.

لقد فقدت معظم النساء جاذبيتهن بالتصرف مثل الرجال بسبب المعلومات الخاطئة التي يتم تغذيتها لهن في الغالب من الحركة النسوية الراديكالية التي تخبر المرأة بأن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تصل من خلالها للمساواة هي أن تتصرف مثل الرجل وتتنافس معه.

والمجتمع الغربي بصفة خاصة يواجه أزمة تفكك الأسر؛ لأن الرجل والمرأة يجدان صعوبة في البقاء معًا، والذي يتحمل العواقب هو المجتمع فلا مجتمع بلا عائلة.

فرص متساوية أم مساواة كاملة؟

المطالبة بفرص متساوية للجنسين في إطار الطبيعة المختلفة لهما لا يرفضها عاقل، ولكن تبرم كل جنس من وظيفته التي من أجلها خلقه الله تعالى هي المشكلة، كل مجتمع به العدد الكافي من الذكور الذي يكفي للقيام بكل الأدوار المنوطة بالرجال، ولا يحتاج أن تتحول بعض نسائه لرجال للقيام بتلك الأدوار، وبه من النساء ما يكفي للقيام بالأدوار النسائية، وكل مهيأ لما خُلق له، فما الداعي لتحويل الرجال إلى نساء، والنساء إلى رجال؟!

النساء شقائق الرجال

خُلق الذكر ليكون الرأس، وهذا أمر غير قابل للنقاش، خُلقت الأنثى لتكون العنق، والعنق هو الذي يعطي دعماً للرأس، فبدون الرقبة لا يمكن للرأس الوقوف، وإذا تم قطع الرقبة، فإن الرأس يسقط، ويسقط الجسم كله.

لن تصبح الرقبة رأس، ولن تعيش الرأس بلا رقبة، وهذا ما عبر عنه النبي ﷺ تعبيراً أعمق وأوفق بقوله ﷺ: «النساء شقائق الرجال» (رواه أبو داود)، ويفهم من هذا أنهن مستويات مع الرجال في الكرامة الإنسانية، أما الحقوق والواجبات فموزعة بحسب فطرة الله سبحانه التي فطر كلاً من الرجال والنساء عليها لتتم عمارة الكون.

المصدر: المجتمع