ولو نظرنا أيضًا إلى الساحة الإسلامية اليوم نجد تجمعات إسلامية بينها وبين بعضها لون من ألوان الاختلاف في فهمها للإسلام، فبعضها يركز على جوانب الإسلام دون الجوانب الأخرى. كما نجد بعض الجماعات في فهمها انحراف أو خطأ في بعض الجوانب.

نريد توحيد الجهود:

والواجب يقتضي أن تبذل الجهود بين قيادات هذه الجماعات لتوحيد الفهم والعودة إلى الفهم الصحيح والبعد عن كل مخالفة له، فيساعد ذلك على توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تواجه المسلمين، وليكن في حسباننا ملاحظة أن أعداء الإسلام يعملون منذ زمن بعيد على تشويه الإسلام وإثارة الشبهات حوله، وتكوين بعض الجماعات المشبوهة التي تسيء إلى الإسلام وتساعد على تمزيق وحدة المسلمين.

كفانا دفاعًا عن الإسلام ورد الشبهات عنه، نريد تقديمه بكماله وشموله وقوته واعتداله، مستغلين كل حديث من وسائل الإعلام، ولن يكون ذلك إلا إذا التزمنا بالفهم الصحيح الشامل للإسلام.

إن علينا أن نقدم الإسلام بشموله وتكامله، وأنه منهاج كامل لتنظيم حياة الناس مجتمعات ودولا، وأنه الحل الأمثل بل الوحيد لكل أمور حياتنا؛ لأنه من عند الله.

لذلك نجد الإمام الشهيد يوضح ذلك في الأصل الأول من الأصول العشرين تحت ركن الفهم فيقول: "الإسلام نظام شامل، يتناول مظاهر الحياة جميعًا، فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة، وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة، وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء، وهو مادة وثروة أو كسب وغنى، وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة، كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سواء بسواء".

حملات طائشة:

لقد ظهر في مجتمعاتنا الإسلامية من ينادون بفصل الدين عن الدولة! ومن يقولون لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة!

وهذا نتيجة جهلهم بحقيقة الدين، أو أنهم يعلمون ولكنهم يكيدون. وهناك من يحلو لهم تقسيم الإسلام إلى إسلام سياسي وإسلام عقيدي وعبادي. ومن يقولون اليسار الإسلامي. أو من يصفون الحكومة الإسلامية بأنها حكومة دينية ذات تفويض إلهي، تتحكم في أقدار الناس كيف تشاء!

جميع هؤلاء إن كانواْ يجهلون حقيقة الإسلام لا نعذرهم بجهلهم في عصر العلم والمعرفة، وإن كانواْ يعلمون ولكن يحقدون ويكيدون ويريدون التشكيك، فنقول لهم: وفِّرواْ جهودكم فلن تستطيعواْ أن تنالواْ من حقيقة الإسلام؛ لأنه دين الله ونور الله، ولن يطفئ نور الله بشر.

ونعود ونقول للمسلمين عامة، والعلماء منهم خاصةً، أن يحرصواْ على إبراز الإسلام بفهمه الصحيح الشامل، وتنقيته من كل دخل أو لبس أو بدع وخرافات؛ لينالواْ شرف الدعوة إليه وهداية الناس إليه: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (فصلت:33).

القدوة الحسنة:

ولكي يكون للدعوة الإسلامية الأثر الفعال لابد أن يُلزم الداعون إليه أنفسَهم بكل ما يدعو إليه الإسلام، من آداب وتعاليم وسلوك وأخلاق ومعاملات..، وأن يظهر ذلك في الأفراد والأسر والمؤسسات التجارية والاقتصادية والمؤسسات التعليمية، والنوادي الرياضية وكل موقع في حياة المجتمع، فالقدوة العملية أكثر تأثيرًا من مجرد الوعظ والإرشاد.

منقول بتصرف من كتاب – مقومات رجل العقيدة – للأستاذ مصطفى مشهور رحمه الله.