فتحي السيد 

اللسان يعبر عن مكنون القلب، وما دام الرجل لا يتكلم؛ فأنت لا تعرفه، فإن نطق وتحدث عرفته " إنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه " ولنكمل الحديث حول آقات اللسان ومنها :

11- كلام ذي اللسانين

ذو اللسانين هو الشخص الذي يُظهر المُوافقة والمُناصَرة لطرفين مُتعاديين أو بينهما خصام؛ فإذا اجتمَع بأحد الطرفين أظهر وقوفَه إلى جانبه ومُناصرته وتَشجيعه، وإذا اجتمع بالطّرف الآخر أظهر ذات الموقف، أو نقل الكلام بين الطرفين المُتعاديين، أو إذا مدح أحد الأطراف وفور خروجِه من عنده قال عكسه فهو ذو لسانين، وهنا يُظهِر النِفاق والنميمة. وذلك ما يدُل عليه الحديث الشريف: (تجدون شرَّ الناسِ يومَ القيامةِ عندَ اللهِ ذا الوجهينِ: الذي يأتي هؤلاءِ بوجْهٍ، ويأتي هؤلاءِ بوجْهٍ).

 الغناء والشِعر

يُعتَبَر بعضُ الغناء من المُحرمّات التي يجب على المرء اجتنابها، أمّا الشعر فهو كالكلام؛ فحُسن كلامه حسن، وقُبح كلامه قباحة، ولا يُعدّ الشعر من المُحرّمات إلا إذا احتوى على كلامٍ مكروه، ويجب الحذر عند المُبالغة في المديح من الشعر كي لا يقع الإنسان في الكذِب. جاء في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: (لَأنْ يمتلئَ جوفُ أحدِكم قيحًا حتَّى يَرِيَه خيرٌ له مِن أنْ يمتلئَ شِعرًا).

12-المزاح  : يُقصَد بالمزاح في هذا السياق كثيره، والإفراط أو المُبالغة فيه، والمُداومة عليه؛ فالمُبالغة فيه تُسقِط الوقار والهيبة، وتُورث الضحك الذي يُميت القلب، والمُداومة عليه تؤدّي إلى الانشغال باللعب واللهو وإضاعة الوقت، أما قليله ويسيرُه يُستثنى من ذلك.

13- السخرية والاستهزاء

السّخرية والاستِهزاء هي ذكر عيوبِ الشّخص ونقائِصه بقصد الإضحاك والاستِهانة والتحقير، وقد يكون الاستِهزاءُ بصُورٍ عِدّة، من قول أو فعل أو إيماءات، أو تعييب الشخص بكَلامه أو بخلقَتِهِ. وقد تكون السُخرية بالابتسامة البسيطة، أو الضحك بصوتٍ عالٍ، وإذا حدثت في غياب الشخص المقصود فتُعدّ غيبة، وهي جميعها أفعال منهي عنها، وذلك ما ذُكِرَ في الآية الكريمة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِن نِسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).

14- المدح  :

المدح هو تَقديم المديح في غير موضعه، ولا يجوز تقديم المديح المُفرِط لأنه يُدخل الشخصَ في الكذب نتيجة الإفراط في المَديح، أو الدخول في الرياء الذي ينتُج من عدم تصديق جميع ما يقوله المادِح، أو إدخالِ السّرور على قلب الممدوح وهو شخص ظالم أو فاسق وهو أمر لا يجوز. كما يضُر المديح الممدوح من خلال إحداث العجب والكِبَر بنفسه، ويؤدّي إلى إعجابه ورضاه بنفسه، ويجب على الأشخاص الحذر وعدم المُبالغة أو الإفراط في تقديم المديح، وذلك اتّباعاً لحديث الرسول عليه الصلاة والسلام: (إن كان أحدُكم مادِحًا لا مَحالةً فلْيقلْ: أَحسَبُ كذا وكذا، إن كان يَرى أنه كذلك، واللهُ حَسيبُه، ولا يُزَكِّي على اللهِ أحدًا).

15- إفشاء السر :

إفشاءُ السر مَنهيٌّ عنه لِما فيه من خِيانةٍ وغدرٍ للشّخص الذي يُؤمِّن على أسراره، أمّا إذا كان إفشاء السر فيه شيء من الأذية واللوم فهو مُحرّم، ويجب على الإنسان صون الأمانة التي وُكِّلَت إليه وحفظها، وذلك ما يَدلّ عليه حديثُ الرّسول عليه الصلاة والسلام: (إذا حَدَّثَ الرجلُ الحديثَ ثم التَفَتَ فهي أمانةٌ).

16- الوعد الكاذب :

الوعد الكاذب من آفات اللسان المنهي عنها، لِما فيه من نكث بالوعد، ويجب على المرء الالتزام بالوعود التي يُقدّمها والوفاء بها، إلّا إذا كان هناك عُذر قويّ، أمّا إذا تمّ تقديم الوعد مع العزم على النكوث به فهذا يُعدّ نفاقاً.وذلك ما جاء في نص الحديث الشريف: (ثلاثٌ من كنَّ فيه فهو منافقٌ إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتُمن خان، قال رجلٌ يا رسولَ اللهِ ذهبت اثنتان وبَقيَت واحدةٌ قال فإنَّ عليه شعبةً من نفاقٍ ما بقي فيه منهنَّ شيءٌ).

- الكذب في القول واليمين: الكذب في القول واليمين هو من أعظَمِ آفات اللسان لِما له من آثار وعواقِب سيّئة على الأشخاص، أبسطُها الاعتقاد بغير الحقيقة، والجهل بالشيء، وبذلك أذيّته، كما يُعدّ الكذب من أعظم الخطايا التي يجب أن يتجنّبها الإنسان كي لا يندم يوم القيامة، وذلك ما أشار إليه الحديث الشريف: (إياكم والكذبَ، فإنه مع الفجورِ، وهما في النارِ).

17- الغفلة عن الخطأ في الكلام:

الغفلة عن دقائق الخطأ في فحوى الكلام تعني الأخطاء اللُغوية وزلل اللسان الذي قد يقع فيه الإنسان فيما يَتعلّق بالله عز وجلّ وصفاته، والأمور التي تَرتبط بأمور الدين، فيجب على العُلماء الفصحاء تصحيح اللفظ فيما يَتعلّق بأمور الدين، أمّا إذا حدث زلل اللسان بسبب جهل المُتحدِّث فيَعفو الله عنه. ولِتَحصين الإنسان نفسه من الوُقوع في الخطأ على الله وصفاته فيجب عليه التأنّي في الكلام، وعدم إطلاق لسانه في الكلام الذي لا تَعود منه فائدة، وذلك ما دلّ عليه حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: (مَنْ صَمَتَ نَجَا).

18- سؤال العوام عن صفات الله وكلامه : يَعني ذلك الامتِناع عن سُؤال العوام من الناس عن صفاتِ الله وكلامه، وغيرها من الأمور التي تخُص العلوم الدينية، وجديدها وقديمها، والأمور الدينية غير المُبيّنة، وذلك يُعتبر من أعظم الفتن الدينية، ولا يجب سؤال العوام عن تلك الأمور، بل عليهم الاكتِفاء بالأمور الدينيّة، والإيمانيّة من صلاة وقراءة للقرآن والتي لا تخوضُ في أمورٍ دينيّة عَميقة.

19-الحلف بغير الله تعالى :كالحلف بالأمانة والذمة والوالد والولد والشرف والقبيلة وبحياتك وحياة النبي وعند أحمد " من حلف بالأمانة فليس منا " وفي الصحيح " من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت "

20- القذف :قال الله تعالى : "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمنين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون " وهذه آفة لا يكاد يسلم منها اليوم إلا موفق من كثرة من يقع فيها .. إن قذف المؤمنين والمؤمنات في أعراضهم أو دينهم أو اتهامهم بما هم منه براء .. كل ذلك باب من الذنب عظيم ..

21- شهادة الزور :

قال سبحانه مثنياً على صنف من عباده" "والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما "وقال سبحانه وتعالى " ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فانه ءاثم قلبه والله بما تعلمون عليم "وقد ترجم البخاري " رحمه الله " في صحيحه بابا قال فيه :" باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد "وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : جاء إعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما الكبائر ؟ قال :" الإشراك بالله" قال ثم ماذا ؟ " ثم عقوق الوالدين " قال ثم ماذا؟ قال : " اليمين الغموس " قلت وما اليمين الغموس ؟ قال : " الذي يقتطع مال امرئ مسلم هو فيها كاذب"واليمين الغموس سميت بذلك لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار ولا كفارة فيها .
22- الكلام بالباطل أو السكوت عن الحق:
يقول ابن القيم رحمه الله : " وفي اللسان آفتان عظيمتان إن خلص من إحداهما لم يخلص من الأخرى : آفة الكلام وآفة السكوت، وقد يكون كل منهما اعظم إثما من الأخرى في وقتها فالساكت عن الحق شيطان اخرس عاص الله مراء مداهن إذا لم يخف على نفسه والمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاص الله واكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته فهم بين هذين النوعين ..
وأهل الوسط ـ وهم أهل الصراط المستقيم ـ كفوا ألسنتهم عن الباطل وأطلقوها فيما يعودعليهم نفعة في الآخرة "