يقضي الشاب والرياضي أيمن موسى، المحكوم عليه بالسجن 15 عاماً، عيد ميلاده للمرّة الثامنة في سجن وادي النطرون، منذ اعتقاله من منطقة رمسيس في السادس من أكتوبر 2013 على ذمّة القضيّة رقم 10325 لسنة 2013 جنايات الأزبكية (أحداث الأزبكية - رمسيس)، فيما يشغله سؤال واحد يطرحه في كلّ زيارة وفي كلّ خطاب: "نسيتوني؟".

وكان أيمن موسى قد احتفل بعيد ميلاده في السجن للمرّة الأولى في 25 أكتوبر 2013، بعد أيام من اعتقاله مع عدد من الرفاق الذين لم يفوّتوا تلك المناسبة من أجل إدخال البهجة إلى قلبه في ظل عتمة الحبس وبؤس الظروف. وبعد ثماني سنوات، يحتفل بعيد ميلاده وحيداً، بعدما أُفرج عن رفاقه في توقيتات متفرّقة لاحقة، وظلّ هو وحيداً في السجن بين جدران الزنزانة.

وقد حكم قضاء الانقلاب الظالم على أيمن حكماً نهائياً باتاً، بعدما أسندت إليه نيابة الانقلاب في القضيّة المشار إليها آنفاً، تهم القتل العمد والشروع في القتل العمد والتجمهر بغرض تعطيل تنفيذ القوانين واللوائح، ومحاولة اقتحام ميدان التحرير والتعدّي على المواطنين فيه والتأثير على سلطات الدولة والاعتداء على الأشخاص وإتلاف الممتلكات العامة ومقاومة السلطات. بالتالي، كان حكماً بالسجن المشدّد 15 سنة مع خمس سنوات مراقبة وغرامة مالية بقيمة 20 ألف جنيه مصري، وكلّ تلك الاتهامات أُسندت إلى طالب مصري كان متفوقاً في واحدة من الجامعات الدولية الخاصة، وهو رياضي من الدرجة الأولى في أرقى النوادي المصرية وأعرقها، فقط لأنّه عارض نظام الانقلاب القائم منذ يوليو 2013.

ومع مرور ثماني سنوات على حبس أيمن، انتشر وسم على مواقع التواصل الاجتماعي يطالب بالإفراج عنه. فهو تحوّل من شاب متفوق ورياضي وموهوب يدرس الهندسة في الجامعة البريطانية ويشارك في منتخب مصر للغطس، إلى جانب شغفه برياضة الباركور، إلى شاب مكتئب وحزين ومقهور. هو لن يخرج من سجنه قبل بلوغه منتصف الثلاثينات تقريباً.

عندما ألقي القبض عليه، كان أيمن في التاسعة عشرة من عمره، وقد توقّف مشواره الرياضي الواعد باكراً. فهو كان مدرّب كرة ماء وغطس في نادي هليوبوليس الرياضي، وممارساً الغطس والباركور، علماً أنّه انضم إلى منتخب مصر للغطس وأحرز أكثر من ميدالية في بطولات عدّة. وليس مشواره الرياضي فقط الذي توقّف، فهو كان يحلم بأن يصبح مهندساً، لكنّ الجامعة البريطانية حيث يتابع دراسته فصلته نظراً إلى ضرورة الحضور في مجال تخصّصه، الأمر الذي لم يكن ممكناً نظراً إلى ظروف السجن. يُذكر أنّه بعد فصله قرّر دراسة العلوم السياسية في الجامعة نفسها وتخرّج منها في نوفمبر 2020. لكنّ زملاءه في كلية الهندسة تذكّروه في أثناء حفلة تخرّجهم من الجامعة بعد ثلاث سنوات من القبض عليه، وهتفوا باسمه تضامناً معه وتكريماً له.

وقد ازدادت الأمور صعوبة على أيمن بعد خروج أغلب رفاقه في القضية بقرارات عفو، تحديداً صديقه عبد الرحمن الجندي الذي تعرّف إليه داخل السجن، والذي صدر في حقّه قرار من النائب العام في ديسمبر 2019 يقضي بوقف تنفيذ الحكم الصادر ضدّه، ليخرج بعدها من السجن. 

وفي السادس من إبريل 2021، أكمل أيمن موسى سبع سنوات ونصف سنة من السجن، أي ما يعادل نصف المدّة المحكوم بها (15 عاماً)، وما زالت أمامه اليوم سبع سنوات. لكنّ هيئة الدفاع القانوني عن أيمن كانت تأمل بأن يخرج من السجن، إذ إنّ القانون يسمح بالإفراج الشرطي عن المسجون الذي أكمل نصف مدّة حكمه.

واليوم، بعد أكثر من ثماني سنوات من الحبس، ما زال أيمن يسأل ذويه في كلّ زيارة، وأصدقاءه في كل خطاب: "نسيتوني؟". وهؤلاء يجيبون عن سؤاله من خلال التمسّك بكلّ مناسبة للتذكير به وبقضيّته، حتى لا يصير في طيّ النسيان. وهذا تماماً ما فعله صديقه عبد الرحمن الجندي الذي احتفل معه بأوّل عيد ميلاد له في الزنزانة، ولا يملك حالياً إلا التذكير به عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

في واحدة من رسائله من السجن بعد وفاة والده، كتب أيمن: "أنا متعب من خسارة هدية في كلّ عيد ميلاد هذا العام. بدلاً من أن أرتدي قبّعة التخرج والعباءة مع أصدقائي حاصلاً على شهادة تخرّجي، ارتديت بدلة سجين وأصفاد يد، منتظراً أن يتمّ نقلي إلى سجن آخر. هذا العام، تغيّبت عن جنازة أبي.. أنا أفتقد أبي، أنا متعب.. أنا متعب من انتظار لا شيء إلا الخسائر.. أنا متعب من عيش حياة غير طبيعية، أنا أريد أن أعود إلى بيتي قبل أن أخسر شيئاً آخر.. قبل أن أخسر شخصاً آخر".