فتحي السيد 

ونكمل معا في الجزء الثاني بعضا من التساؤلات والشبهات المطروحة عند الحديث عن ارتداء الحجاب، سواء للفتيات أو لبعض النساء ومنها :

*إنني أخجل من  الظهور بالحجاب  أمام زملائي، أو أمام أناس بعينهم

عجباً لك يا ابنتي كيف تخجلين من العفة والاحتشام وإرضاء الله، ولا تخجلين من ظهور عوراتك أمام كل من هب ودب، ومعصية الله ؟!!!

أما علمت أن من أرضى الناس بسخط الله سخط عليه الله وأسخط عليه الناس، ومَن أرضى الله بسخط الناس، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس؟!!!

*سأفقد وظيفتي إن ارتديت الحجاب

نعم، قد يحدث ذلك، ولكني أرى أن فقدان وظيفتك أفضل من فقدان رضا الله عنك، وخير لك من أن تفقدي الجنة ونعيمها الذي لا ينفدولا تنسي أن فقدان الوظيفة لا يعني إطلاقاً فقدان الرزق؛ فابن آدم لا يموت قبل أن يستوفي أجله ورزقه، فإذا هربت من رزقك لطاردك حتى يصيبك، كما أن الله تعالى قد ضمن الرزق للمؤمن والكافر على السواء ،فهل ينساك وأنت تطيعينه؟!

   وتذكري  أن ذلك لا يحدث كثيرا،

*أخاف أن أخلع الحجاب  بعد ارتدائه

هذه-بالفعل- مشكلة ولكن لا تستسلمي لهذه الفكرة؛ فإذا كنت مترددة بطبيعتك، أو ترين أن الدنيا لا تزال تملأ قلبك، فتدرجي في الحجاب، وأعطِِ نفسك فرصة لكي تتقبليه شيئا فشيئا، وتحدثي إلى نفسك لتذكريها بضرورة طاعة الله قبل فوات الأوان، وأن متع الدنيا  ومباهجها مهما كثرت وتنوعت وزاد جمالها فهي لا تساوي عند الله تعالى جناح بعوضة، فإذا منَّ الله عليك بارتدائه، فاحرصي على مصاحبة الصالحات، وحضور دروس العلم الشرعي، وتلاوة القرآن، وأكثري من الدعاء لله تعالى أن يثبتك، و يعينك على الاستمرار على طاعته، وتذكري أن الحجاب توبة، وأن الله يحب التوابين!!! ومن ناحية أخرى فإن العائد في توبته كالمستهزىء بربه والعياذ بالله ،فاحرصي على ألا تكوني كذلك).

واحرصي دائما على الدعاء: اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك،اللهم كما هديتني للحجاب فثبتني عليه حتى الممات،"ربنا لا تُزِغ قلوبنا بعد أن هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب"

*أنا أفعل الكثير من الطاعات وقلبي مطمئن بالإيمان، فما دخل اللباس ؟فإن الحجاب حجاب القلب  !

لعلك تعلمين أنه:" لا يقوم بهذا الدين إلا من أحاطه من جميع جوانبه"، أي أن عليك أن تتقبلي كل أوامر الله ورسوله، وتنتهي عن نواهيهما، ولا تكوني كالذين قال الله تعالى عنهم: "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزيٌ في الحياة الدنياويوم القيامة يُردون إلى أشد العذاب"البقرة-85)

 ثم أما تقرئين قوله تعالى:( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ) (53) من سورة الأحزاب أطهر لقلب عائشة و فاطمة و خديجة - رضي الله عنهن - فهل أنت أطهر قلبا منهن ؟؟ 

وتذكري أنك تشبهين –بعدم حجابك مع فعل الطاعات-مَن تحمل قِربة من الحسنات ولكنها مثقوبة بعدم الحجاب؛ فلا تضيعي أعمالك الصالحة بسبب كل من يراك بغير الحجاب في كل مكان،ولك أن تقارني عدد من رأوك من غير المحارم كل يوم بعدد ما اكتسبت من الحسنات،هل يستويان؟!!!)27 )

 و لعلك تلحظين أن أمر المرأة بالحجاب فيه إلماح إلى معنى أصيل في الفطرة الإنسانية، وهو أن الأصل الستر بينما الكشف هو الاستثناء؟!! ولم لا؟ وقد كانت أول فتنة إبليس لآدم وزوجه في الجنة في اللباس، حتى لقد طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة؟ إذن فالحياء معنى من معاني الحياة ،وهو مركب في ذلك المخلوق المكرَّم؛الذي  أُنزل الله  إليه اللباس ستراً والرياش زينة ؛كما أُنزل له الهدى برا وتقوى، فقال تعالى:( يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتِكم وريشا ولباسُ التقوى ذلك خير) الأعراف الآية (26).

*أنا غير مقتنعة بالحجاب، ثم هل هو فرض أم سنة؟

أولاً: إن عدم اقتناعك بالحجاب ينقض إسلامك ويُنقصه، والعياذ بالله؛ لأنك بانتسابك لدين الإسلام أعلنت استسلامك لأوامر الله، ولقد اختبر المولى سبحانه سيدنا إبراهيم في ابنه الذي رزقه به على كبر، بعد أن حُرم من الولد، فلما بلغ أشده أمره بذبحه؛ فهل تردد وطلب من أحد أن يقنعه؟ هل كذَّب نفسه، وقال تلك الرؤيا كانت أضغاث أحلام؟ وهل تردد إسماعيل أو حاول الهرب؟ وهل اعترضت هاجر المؤمنة الصابرة؟ على الرغم من محاولات الشيطان معهم جميعا؟وهل كانوا يعرفون السبب؟! لقد اختُبر  إبراهيم في فِلْذَة كبده فاستسلم وأطاع، أفلا تطيعين في الحجاب؟!!!

من الأفضل أن تعترفي بضعف إرادتك أو عدم قدرتك على ارتداء الحجاب، وتطلبي من الله العون؛ فذلك أهون من أن تردي على الله أمره وتقولي:" أنا غير مقتنعة"فنحن لسنا مكلفين بالاقتناع بأوامره سبحانه وإنما بطاعته؛ يقول الله سبحانه وتعالى: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن تكون لهم الخِيَرَة من أمرهم"؛ فلا تكوني كالذين قالوا " سمِعنا وعصينا" والعياذ بالله!!

أما مسألة الفرض والسنة، فلك أن تطالعي آيات الحجاب الواضحة الصريحة التي فصّلها الله سبحانه في القرآن  تفصيلاً ،يقول الله تعالى: "وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) الآية (31) من سورة النور.

ولعلك لا تريدين التخلف عن ركب المؤمنين الذين قال الله تعالى فيهم:  "إنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ)) [النور: 51]

فإسلامك يعني الاعتراف بالبعث بعد الموت والحساب يوم القيامة ،فماذا أعددتِ لهما؟

*أنــا مـقـتـنـعـة بوجوب الحجاب، ولكن والدتي أو والدي) تمنعني لبسه، وإذا عصيتهما دخلت النار

يجـيـب على هذا القول أكرم خلق الله، رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بقول وجيز حكيم: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" فإن مكانة الــوالــدين في الإسلام ـ وبخاصة الأم ـ سامية رفيعة، بل  ان الله تعالى) قرنها بأعظم الأمور ـ وهي عبادته وتوحيده ـ في كثير من الآيات، كما قال تعالى): وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَاناً)) [النساء: 36]فطاعة الوالدين لا يحد منها إلا أمر واحد هو: أمرهما بمعصية الله ، قال تعالى : وَإن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا)) [لقمان: 15]ولا يمنع عدم طاعتهما في المعصية من الإحسان إليهما وبرهما؛ قال تعالى): وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً)) ،ولكن-مع كل هذا - طاعتها في معصية الله غير جائزة فكيف تطيعين أمك وتعصين الله الذي خلقك وخلق أمك ؟

*أنا أريد ان أتشبه بالغرب المتحضر حتى لا يقال عني متخلفة تعود إلى العصور السحيقة

إذا كان رأي  هؤلاء يهمك، فلعلك - إن كنت  قد تعاملت مع بعض هؤلاء الغربيين-  قد اكتشفت ِ أنهم يبحثون لدينا عن الجديد الذي لا يعرفونه، فإذا اكتشفوا أن محدثهم  يتكلم بألسنتهم ويفكر بعقولهم، أعرضوا عنه على الفور ؛ وبحثوا عن غيره ممن يدلهم على الجديد مما لا يعرفونه عن التراث والحضارات الأخرى ولعلك لاحظت أنهم يحترمون من يحترم بيئته، ويفخر بتراثه، ويعتز بمعتقداته،فنراهم  يتعجبون من قوة إيماننا، وعزوفنا عن الدنيا، و ينبهرون بقدرتنا الهائلة على ضبط النفس و طاعة الله؛ وفي نفس الوقت حرصنا على العمل والإنجاز، والأعجب من ذلك أنهم يبحثون عن الحقيقة وراحة النفس والسكينة التي لا يجدونها في معتقداتهم البالية، بدليل تزايد أعداد المسلمين عندهم، وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 حين أقبلوا على القراءة عن الإسلام لمعرفته ومعرفة خصائص أتباعه، فاكتشفوا أنه دين الفطرة السليمة، الذي يحترم العقل، وحرية الإرادة، وأنه ضالتهم المنشودة، بل إن الكثير منهم يعيش دون الانتماء إلى أي دين، لا لشيء إلا  لأنه غير مقتنع بالأديان الأخرى، وفي نفس الوقت لم تُتح له الفرصة للتعرف على الإسلام!

ولعلك سمعت قولهم المأثور: Be yourself""،وهو يعني : كُن نفسك، وتصرف على طبيعتك وفطرتك، وتعامل مع الآخرين بشخصيتك الفريدة التي خلقها الله لك، فما اختلاف الطبائع والشخصيات إلا آية من آياته سبحانه و هو من ضروريات عمارة الكون وصلاحه، ولا تنسي أن حضارتهم قامت على حضارتنا العربية الإسلامية؛ التي تدهورت بسبب بعد المسلمين عن دينهم ،وانحرافهم عن صراط الله المستقيم.

وإذا كنت تفضلين موقف الغرب من المرأة،فلا تنخدعي بالمظاهر الزائفة؛ ولك أن تتأملي:من أكرمها ومن أهانها؟هل الغرب الذي جعل منها أداة  رخيصة لتسويق السلع، فلا يكاد يخلو منتج لديهم إلا وعليه صورها الخليعة ؟ أ م الإسلام الذي أعزَّها وصانها كاللؤلؤة المكنونة؟ حتى ولو كان شكل المحارة  لا يعجبنا ؛فهي ضرورية لصيانة اللؤلؤة!!!)

فلو لم تكوني غالية على الإسلام لما حرص على صيانتك كما تصونين جواهرك وأشياءك النفيسة داخل علبة ثم علبة أخرى ثم في الخزانة،ثم تغلقينها بالمفاتيح!!! أم أنك تتركينها عرضة لأن يصيب منها كل من غدا أو راح؟!!!)

 وإذا كنت لم تقتنعي بما أقوله بعد، فإليك أهدي مقالة  بعنوان:"نساء غربيات يعشقن الحجاب" وهي متاحة على الموقع

 www.lahaonlinecom/LahaOpinio/a1-04-06-2002doc_cvthtm

وكذلك مقالة أخرى بعنوان: "السماح لشرطية مسلمة  في أميركا بارتداء الحجاب"وهي متاحة  على الموقع www.alqanatcom/newstories/a6100701shtml

*إن الله لم يهدِني بعد

أرجوك ،لا تنتظري الهداية التي قد تأتي أولا تأتي؛ فالله سبحانه يريدك أن تأتيه بملء إرادتك،كما أنه يقول :" إن الله لا يغيِّرُ ما بقومٍ حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم" ؛فلا تطيلي الانتظار فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:"  لا يزال المرء يتأخر حتى يؤخره الله"،فلا تبيعي سعادتك الأبدية في الجنة ،بهذه الدنيا الفانية، ودعي عنك هذه الوساوس).

ولابد من السعي لمرضاة الله،كما تركبين الدابة للسفر دون أن تعرفي هل ستبلغين مقصدك أم لا، وكما تتناولين الدواء، والشافي هو الله؛ كذلك خذي بأسباب الحجاب،وقلبك يدعوه تعالى:" إهدنا الصراط المستقيم") .

*أنا أكره الحجاب لأن بعض المحجبات سلوكهن سيء

أكره أن أُقر لك بهذ ه الحقيقة ولكنها واقع، و لا حول و لا قوة إلا بالله.

ولكن هناك أيضاً من يحافظون على الصلوات الخمس، ويفعلون الفواحش !!! وهناك من يحجُّون، وهم ينوون التجارة، أو يتسترون وراءه؛ ليفعلوا أشياء أخرى فهل هذا يعني أن نكره  الصلاة أو الحج ؟ أو أن نتوقف عن الصلاة أو الحج بسبب هؤلاء المخطئين؟ فالخطأ إذن ليس في الحجاب أو الصلاة أو الحج وإنما في تصرفات هؤلاء ؛فاكرهي تلك التصرفات  كما تشائين ،ولكن لا تكرهي الحجاب.

 يقول الله تعالى :" ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى" فكلٌ منَّا محاسَبٌ على أفعاله وليس على أفعال غيره