كيف نربي أبنائنا علي الشورى ؟

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي خاتم الأنبياء والمرسلين، وبعد .

فتربية الأبناء علي الشورى جزء من تربيتنا الإسلامية التي نأمل أن تسود مجتمعنا، وتسعد بها بيوتنا، ويحصد ثمارها أبناؤنا.

 بداية نذكر أن الشورى إحدى قواعد الحكم الإسلامي.

والتشاور عملية بحث عن الحق والصواب، وتنسيق الجهود و الآراء.

والتشاور واجب علي كل راعٍ ومسئول ومرب وكل صاحب رأي وكل باحث.

 ولكن .. متي نستخدم الشورى ؟

نطبق الشورى في الأمور التي لا نص عليها في القرآن الكريم، ولا في السنة النبوية الشريفة .

وفي ذلك يقول العلماء تعليقاً على تفسير قوله تعالى: "وشاورهم في الأمر"   سورة آل عمران 159

 (الاستشارة تكون في أمور الدنيا وفي أمور الدين التي  لا وحي فيها )

ولا تكون المشاورة في صغائر الأمور وجزئياتها .

وما فائدة تطبيق الشورى ؟

تطبيق الشورى يستجلب رضا الله سبحانه وتعالي ومعييته وتوفيقه.

وكذلك رضا النبي صلي الله عليه وسلم باتباعه والاقتداء به.

والشورى تؤدي إلي الرأي الصواب، وتعصم من الهوى والشطط.

وتطبيق الشورى يقي من الاستبداد والتسلط .

 

 هل نحن ملزمون بتطبيق الشورى ؟

قبل تناول الموضوع من حيث الإلزام أو الإعلام، فإن كل راع مطالب بالبحث عن الحق، وتحري الصواب، وإفشاء روح التعاون؛ ومن ثم فإن كل راع ملزم بتطبيق الشورى  في محيطه وفي دائرة ولايته.

 صور من تطبيقات الرسول صلي الله عليه وسلم للشورى

إن حياة النبي صلي الله عليه وسلم مليئة بالمواقف والأحداث التي ترشدنا إلي تفصيلات التطبيق النبوي الشريف لقاعدة  الشورى في الإسلام.

فهذه بعض مختارات من التطبيق النبوي الشريف :

أولا: في غزوة بدر

    تنفيذ النبي صلي الله عليه وسلم لمشورة الحباب بن المنذر في أمر النزول عند ماء بدر.

ثانيا: في غزوة أحد

    قبول النبي صلي الله علية وسلم رأي  بعض الصحابة في الخروج من المدينة لملاقاة قريش، على رغم أن ذلك كان يخالف رأيه صلي الله علية وسلم.

ثالثا : في غزوة الخندق

    تنفيذ النبي صلي الله عليه وسلم لمشورة سلمان الفارسي، حينما أشار بحفر خندق حول المدينة.

رابعا: في الحديبية

    قبول مشورة أم المؤمنين أم سلمة للنبي صلي الله عليه وسلم ليبدأ بنفسه فينحر هديه ويحلق رأسه.

نتذكر معًا ما رواه الترمذي عن أبي هريرة أنة قال :

"ما رأيت  أحداً أكثر مشورة لأ صحابه من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأصحابه "

الشورى في حياتنا اليوم

حياتنا عبارة عن مواقف وأحداث تمر بنا كأفراد، نتدرب فيها على الشورى في أعمالنا الحيوية، وأمورنا الأسرية، والدعوية، وكما أسلفنا أن الشورى عبارة عن تبادل الرأي والخبرة والبحث عن الصواب  في أمر من الأمور؛ لذا فإننا نحتاج إلى الشورى –احتياجنا إلى الصواب- في الأعمال الحيوية والدعوية، وتربية الأولاد، وحل المشكلات؛ فنحن نحتاج إلى الصواب، ونسعى إليه في كل ما سبق.

فالشورى تعلمنا أن نطرح فكرتنا، وأسلوبنا، أو مقترحاتنا على من حولنا أو من نثق بهم ونطلب الرأي والمناقشة، وتقليب الأمور؛ لنصل إلى الصواب، ونفوز بالتوفيق من الله، ونحظى كذلك بتضامن ومساندة كل من حولنا؛ لأنهم جميعاً شاركوا في التفكير وصنع القرار واختيار الصواب.

ونحن جميعاً نحتاج إلى الخبرة والصواب في تربية الأبناء، وحل المشكلات؛ لذا نطرح ما لدينا من مفاهيم تربوية، ونعرض مشكلات الأبناء على أهل الخبرة والتخصص طلباً للصواب واستثماراً للجهد والوقت والخبرة ونحن جميعاً نحتاج إلى الخبرة والصواب والتعاون، أي أننا  نحتاج إلى الشورى في أعمالنا الدعوية والحيوية؛ لذا لا ننفذ عملاً إلا بعد إفراغ الوسع في طلب المشورة وتقليب الآراء والبحث عن الأصوب.