الحجاب قرين الحياء، والاحتشام دليل التدين والإحترام، شرف لجمال المرأة، ومظهر للأدب والكمال، صيانة وعفة وبرهان إسلام وتقوي، عاقلة من ترتديه خاسرة من تزدريه، هو في الدين فرض، وفي العرف صيانة للعرض.

كيف ندرب بناتنا على حب الحجاب؟

قبل الزواج:

إن أهم الخطوات هي التي يقوم بها الرجل حين يختار لبناته أُمَّاً ذات خُلق ودين تكون قدوة متحركة؛ فإذا تربت البنت في أحضان هذه الأم كان الحجاب أمرا ًبديهيا بالنسبة لها، وقضية لا جدال فيها،وأمنية غالية ترنو لتحقيقها.

بعد الزواج

على الوالدين أن يبنيا بيتهما على أساس من الود، والاحترام، والتفاهم؛ حتى ينشأ الأبناء فى جو  هادىء مستقر؛ مما يبعدهم عن المشكلات النفسية التي تؤدي بهم إلى التنفيس عما يحسون به من التمرد والعصيان ومخالفة الأهل.

كما ينبغي ألا يتوقف الوالدان عن الدعاء لله تعالى بأن يهبهم ذرية صالحة،وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في  عدة مواضع منها:" ربِِّّ هَب لي من لدنك ذريةً طيبة إنك سميعُ الدعاء،وفي موضع آخر:" ربنا هب لنا من أزواجنا و ذرياتنا قرة أعين"ولعل هذا الأمر ضروري لأن الشيطان أقسم قائلاً:" لأحتنكنَّ ذريته إلا قليلا "الإسراء -62)

 مرحلة الأجنة:

إن تقرُّب الأم الحامل إلى الله تعالى بالطاعات المختلفة من شانه أن يشيع في نفسها السكينة والاطمئنان هذه المشاعر تنتقل بقدرته- سبحانه- إلى طفلتها التي تصبح مهيئة  للطاعة حين تنمو وتكبر.

بعد الوضع وحتى سنتين:

من البداية ،ينبغي أن تحرص الأم على تعليم ابنتها الحياء لأنه أساس الحجاب،ولأنه –كما قال صلى الله عليه وسلم-" خيرٌ كله"  ،وكما قال :" لا يأتي إلا بخير"

فلا تغيِّر الأم  حفاضات طفلتها أمام أحد،أما حين  يبدأ تدريبها على ضبط الإخراج فتعلمها -بلطف ومزاح- أن تغطي عوراتها؛ وأن لا تخلع ثيابها أمام أحد، ولا تظن الأم  أنها صغيرة، فالطفل يعي ويدرك، ولكنه لا يستطيع التعبير، وكلما بدأت معها  الأم  مبكرة بهذا الأمر كان أفضل.

بعد ذلك يأتي دور القدوة حيث يكون الطفل متلهفا لاستكشاف العالم من حوله، فحين ترى  الطفلة أمها تجري إلى غرفتها لارتداء حجابها لأن شخصا ًمن غير المحارم جاء فجأة لزيارتهم، وحين تلحظها لا تطل من النافذة أو تفتح باب الدار إلا بعد ارتداء الحجاب، وحين تتأملها وهي تربط  حجابها بإحكام وإتقان- وهي تستعد للخروج -  خوفا من أن يظهر منها شيء، وحين تعلم أن أمها لا تتعطر إلا في بيتها، وأمام المحارم فقط؛ ستتلهف تلقائياً  لتقليد أمها وتحاول أن تقف أمام المرآة لتجرب أغطية الرأس، وعندها  يجب أن تنتهز الأم هذه الفرصة وتقول لها:

" ما أجملك بالحجاب يا ابنتي،إنه يضفي عليك نوراً؛هل تعلمين أنك حين تكبرين سأشتري لك العديد من أغطية الرأس الملونة الجميلة لتكوني مثل أمك مسلمة طائعة؟

كما أنها إذا رأت أمها تغض البصر عن المحارم، أو عن منظر مُخل بالأدب في أي مكان ؛ وتستأذن قبل الدخول حتى على أولادها؛ فإن ذلك يكون أمراً طبيعياً بالنسبة للطفلة،مما ييسر عليها الاستجابة حين توجهها الأم لذلك فيما بعد  .

من ثلاث إلى خمس سنوات:

في هذا العمر يكون تقليد الكبار من الأمور المفضلة لدى الطفل؛ لذا فان عمل طرحة صغيرة مزركشة بلون تفضِّله الطفلة وتختاره بنفسها؛ لترتديها حين تصحب والدتها إلى المسجد للصلاة أو حضور درس، أو حين تريد تقليد أمها  فتصلي معها أو بمفردها، يكون بمثابة تمهيد  لحب ارتداءه فيما بعد؛ كما أن هذا يعين الإبنة أن تصبح عوناً لأمها، فإذا رأت بعضاً من شعر الأم  يظهر دون أن تدري سارعت بتنبيهها، وإن جاءهم شخص من غير المحارم فجأة؛ سارعت بإخبار أمها لكي تستتر،أو أحضرت إليها ملابس الصلاة وهكذا.

  وفي هذا العمر أيضاً تكون الطفلة –في الغالب- قد تعلمت ضبط الإخراج، لذا يجب أن تعلم  أن لها خصوصيات، فلا تقضي حاجتها إلا بعد إغلاق دورة المياه بإحكام ؛ولا تغير ملابسها إلا في مكان مغلق.

 وينبغي أن تعرف أن بعض الناس لا يفعلون ذلك لأن أحداً لم يخبرهم أو لأنهم ليسوا مهذبين مثلنا؛ فإذا رأت أحداً يكشف  عورته، فيجب أن تغض بصرها  على الفور.

كما نعلمها حدود التعامل مع الغلمان والرجال من الجيران والأقارب، وحتى والدها وإخوتها؛ فتسود علاقتها بهم الود الاحترام ،دون تبسط في التعامل.

وفي هذا العمر يمكن أن نحفّظها ما تيسر من  القرآن الكريم؛ مما يلين قلبها ويهيء روحها لطاعة الله تعالى، مع الشرح الوافي للآيات الكريمة على قدر مستوى فهم الطفلة ومن المفيد أن توالي حفظ القرآن في دار  تجمعها بصحبة صالحة من الفتيات المقبلات على طاعة الله،وتحفُّها  بالعديد من المعلمات اللاتي يمثِّلن  القدوة  الصالحة لها بالإضافة إلى الأم؛ مع ضرورة متابعة الأم لما تتلقاه الطفلة في هذه الدار لتتأكد أنهم ليسوا من المتشددين أو المبتدعين، هذا بالإضافة إلى الحرص على أن يكون لها مصحفً خاصً بها-مع تعليمها آداب التعامل معه- و إعانتها ببعض الأشرطة المعلِّمة التي تترك مساحة من الوقت لتردد   وراء المقرىء فإن هذا يعوِّدها القرب من القرآن،والأُنس به، والإقبال عليه؛ فإذا ارتبط قلبها بالقرآن فإنها لن تعرف مبدأ تعتقده سوى مبادىء القرآن، ولا تعرف تشريعاً تستقي منه سوى تشريع القرآن، ولا تعرف بلسماً لروحها، وشفاءً لنفسها سوى الخشوع بآيات القرآن، وعندئذٍ نصل بها إلى  الغاية المرجوة في تكوينها الروحي وإعدادها الإيماني والخُلُقي)

هذا بالإضافة إلى تحفيظها ما تيسر من الحديث النبوي الصحيح ليكون ذخراً لها في حياتها المقبلة،بالإضافة إلى القرآن الكريم.

ونعود للحجاب، فتنصح كاتبة هذه السطور بأن تقوم الأم بتفصيل ملابس الحجاب للدمية المفضلة لدى ابنتها، تكون ذات  ألوان زاهية مزركشة تنتقيها الطفلة، وتقوم بتغييرها للدمية  بنفسها، ومن المفيد أن تشاركها الأم في اللعب بها وانتقاء غطاء الرأس المناسب للون الجلباب الذي ترتديه الدمية،و في تلك الأثناء تتحدث الأم إلى الدمية قائلة-مثلاً- " كم هو الحجاب جميل عليك !  أرجو أن تكوني معنا في الجنة إن شاء الله ،لأنك تطيعي ربك وتحبي حجابك،فالجنة مليئة بالأشياء الجميلة ومها اللُعَب"فمن خلال اللعب يمكن أن يتعلم الطفل أكثر وبشكل أيسر مما يتعلمه بالتلقين أو الكلام المباشر.

 من ست إلى  ثماني سنوات:

في هذه المرحلة –مع استمرار حفظ وفهم القرآن-نستكمل تعليمها الحياء؛فنعلمها الاستئذان قبل الدخول على الوالدين –كما جاء في سورة النور- وقبل دخول أي مكان حتى ولو على إخوتها.

 وأن يكون صوتها خفيضاً-خاصة أمام غير المحارم- فلا ترفعه  بالضحك أو حتى عند الغضب؛ وألا تمشي وسط  الطريق؛ وإنما عن يمينه أو يساره )  

وأن تتعلم حدود عورتها أمام  غير المحارم، وأمام نساء المسلمين، والنساء من غير المسلمين.

 ولعل  بعض الأمهات يخطئن بشراء الملابس الخليعة لبناتهن- ومنها لباس البحر المبالغ في تبرجه- بحجة أنهن لا يزلن صغيرات، ولكن المشكلة أن في ذلك تشبُّه بالكافرات، كما أن الحياء لا يتجزأ ولا يرتبط بمكان؛ بالإضافة إلى  أن البنات  يتعودن على مثل هذه الثياب، حتى يُفاجأن بأمرهن بالحجاب عند سن التكليف، فتكون أشبه بالصدمة بالنسبة لهن؛ لذا يجب التدرج في تعليمهن الحجاب بشراء الملابس المعتدلة ليكون الحجاب سهلاً فيما بعد إن شاء الله.

 كما يجب أن يتعلمن الحياء أمام النفس، من خلال تعليمهن احترام الذات، وذلك بإظهار احترامنا لهن في شتى تصرفاتنا وتعاملاتنا معهن، فإن ذلك يجعلهن حريصات على بذل مجهود أكبر للسمو بسلوكياتهن ليظللن دائما ًمحل تقدير واحترام من الوالدين) فيترتب على ذلك ألا  تقبل الفتاة  أن ترى نفسها في وضع مخل بالأدب أو الشرف !

وللحديث بقية لاستكمال باقي المراحل العمرية لتربية بناتنا على الحجاب والله الهادي إلى سواء السبيل.