حذر خبراء اقتصاد من تغول الإمارات وهيمنتها على قطاعات حيوية فى الاقتصاد المصري تحت شعار الاستثمار، مشددين على أن ذلك يمثل تهديدًا للأمن القومي المصري.
وقال الخبراء إن القرار المصري أصبح أسيرًا لإملاءات أبوظبي، مؤكدين أن قائد الانقلاب الدموي عبدالفتاح السيسي باع القرار المصري وتنازل عن السيادة المصرية لعيال زايد، كما باع تيران وصنافير للسعودية من أجل الحصول على دعم لانقلابه الدموي على الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي.
وأشاروا إلى أن ما يسمى بالاستثمارات الإماراتية لا تعود على المواطنين المصريين بأي فائدة ولا توفر لهم فرص عمل، موضحين أن المال الإماراتي لا يصب إلا في قطاعات الهيمنة والسيطرة وتوجيه القرار المصري تحو تحقيق المصالح الإماراتية.
يشار إلى أنه منذ انقلاب 3 يوليو 2013، توسعت الاستثمارات الإماراتية في مصر بشكل مضطرد، وتم الاستحواذ على امتيازات وتسهيلات اقتصادية مباشرة من قبل النظام القائم في قطاعات حيوية وحساسة، وهو ما حوّل الإمارات من مستثمر خارجي إلى شريك أساسي في تلك القطاعات.
ويهيمن الاستثمار الإماراتي الآن على قطاعات حساسة، كالدواء والاتصالات والنقل البحري والموانئ، وقد يؤدي ذلك إلى تدخل أبوظبي في الشأن السياسي بما يشكل تهديدًا للأمن القومي المصري.
قطاعات حيوية
وحسبما أعلنه وزير الدولة الإماراتي سلطان الجابر، شمل النفوذ الاقتصادي لبلاده في مصر الاستحواذ على مشروعات في البنية التحتية وفي قطاعات حيوية كالطاقة والإسكان والأمن الغذائي والتعليم والتدريب المهني والرعاية الصحية والنقل والمواصلات.
ويدعم هذا الاستحواذ إيجاد حصانة لهذا النفوذ من أي ملاحقة أو مساءلة أو تغيير عبر اتفاقيات تحول دون وجود هذا الحق للطرف المصري في المشاريع المشتركة، حيث لا تتيح تلك الاتفاقيات لمصر الاختصام إلى المحاكم الدولية في حال الخلاف بشأن أي من هذه المشروعات.
ويتخوف مراقبون من أن هذا النفوذ الإماراتي وتمويل أبو ظبي صفقات عسكرية للجيش المصري والزج به في صفقات تحوم حولها شبهات فساد، يرهن القرار السياسي المصري للإرادة الإماراتية.
وحسب تقارير رسمية، فإن الإمارات تحتل المرتبة الأولى في قائمة الدول التي تستثمر في مصر من حيث عدد المشروعات، وفي المرتبة الثالثة بين أكثر عشر دول تستثمر بالبلاد بقيمة استثمارات بلغت 14.7 مليار دولار خلال الفترة بين 2013 و2017.
وكشفت مصادر عن أن القطاعات غير الإنتاجية تحظى بالنسبة الأعلى من الاستثمارات الإماراتية كالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (59%) والبنوك (17%).
ففي قطاع الاتصالات والتكنولوجيا، كشفت وزارة الاستثمار بحكومة الانقلاب في تقرير سابق لها عن تجاوز استثمارات الإمارات في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ملياري دولار.
وكان الاستثمار بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر قاصرًا على جهات سيادية في الدولة، أو أي مستثمر أجنبي بعد نيله موافقات أمنية، لاعتبارات لها علاقة بالأمن القومي، ومن ثم فإن توسع الإمارات في هذا القطاع يكشف حجم النفوذ السياسي الذي تتمتع به في مصر.
وفي القطاع الصحي، استحوذت شركة أبراج كابيتال الإماراتية، المتخصصة في إدارة الملكيات الخاصة، على أكبر كيانات طبيّة داخل مصر؛ الأمر الذي نقلها من مجرد مستثمر إلى محتكر لهذا القطاع الذي يخدم ملايين المواطنين.
وشملت الصفقات شراء 12 مستشفى خاصًّا، أبرزها القاهرة التخصصي وبدراوي والقاهرة وكليوباترا والنيل، بجانب معامل التحاليل الأشهر، ومنها المختبر والبرج، وكذلك شراء شركة آمون للأدوية.
تقارير مسربة
في عام 2016 نشرت وسائل إعلام تقريرًا مسربًا عن هيئة الرقابة الإدارية يحذر من أن هيمنة الإمارات على القطاعات الطبية يشكل "تهديدًا للأمن القومي المصري"، كما حذر من وجود شبهة "غسيل أموال" ووجود شبهات حول الغرض من الشراء.
وفي قطاع الموانئ، شملت الاستثمارات الإماراتية مشروعات كبرى بدأت قبل 2011، أبرزها مشروع ميناء "العين السخنة"؛ حيث حصلت شركة موانئ دبي على حق إدارته بحصة 90% بموجب صفقة أثارت الجدل، والكشف عن وجود فساد فيها.
وبدلاً من التحقيق في الأمر، وقعت الهيئة الاقتصادية لمنطقة قناة السويس شراكة مع مجموعة موانئ دبي العالمية لتنفيذ مشروعات في منطقة قناة السويس الاقتصادية.
وحول تغول الاستثمارات الإماراتية في تلك القطاعات الحساسة، يرى محمد حيدر، الباحث في الشئون الاقتصادية والسياسية، أنها "تمثل خطرا قوميا يمس الشعب المصري"، خاصة في ظل شبهات التجسس التي لاحقت الإمارات من قبل في قضايا عالمية عدة.
ومع تقلب بيئة الاستثمار في مصر وعدم استقرارها، يعتبر حيدر حرص أبوظبي على الاستثمار في تلك القطاعات أمرًا يثير الكثير من الشكوك، محذرا من احتمال وجود حالة من التهرب أو تبييض الأموال من شركات تسيطر عليها أبوظبي.
وبخلاف ما هو معروف في عرف الاستثمار من خلق كل مليون دولار لفرص عمل لأربعين شخصًا، لم توفر استثمارات الإمارات في التقديرات الدنيا لها، والتي تبلغ قرابة 7 مليارات دولار، إلا نحو 19 ألف فرصة عمل، في الوقت الذي ينبغي فيه أن توفر فيه قرابة 250 ألف فرصة عمل.
ويؤكد الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام أن الاستثمارات الإماراتية تتركز في قطاعات غير إنتاجية لا تمثل قيمة مضافة للاقتصاد المصري، وتبتعد عن قطاعات مثل الصناعة والزراعة، ومن ثم فهي تحقق أهدافا أخرى لا علاقة لها بمصلحة المواطن المصري.
ويرى عبد السلام أن الاستثمارات الإماراتية تتسم بالاحتكار في بعض القطاعات الحساسة مثل قطاع الصحة، لافتا إلى أن تحكمها بواحد من أكثر القطاعات حساسية كقطاع الصحة يتيح لها التلاعب به كيفما تشاء.
وأشار إلى أن عدم وجود أرقام محددة للاستثمارات الاماراتية بمصر، وتعدد الروايات في ذلك، أمر مقصود لإيجاد نوع من الغموض حتى لا يعلم المواطن حجم وثقل هذه الاستثمارات والقطاعات التي تتركز بها.
ومع إقراره بضرورة أن تهتم كل دولة بتنويع مصادر استثماراتها، إلا أنه شدد على ضرورة ألا يكون ذلك ذا تأثير سلبي على الأمن القومي للبلاد، مستحضرا موقف الولايات المتحدة من الشركات الصينية وخوفها على الأمن القومي من نفوذها.